الحجر أنفس شئ ببلاد السودان، غانة وغيرها، وهو عندهم مثل الياقوت وأجمل. وربما وجد من هذا الحجر فى النادر حجر كبير، وإذا وصل به إلى أهل غانة تغالوا فى ثمنه، وبذلوا فيه الرغائب؛ وهذا الحجر مثل الياقوت لا يعمل فيه الحديد شيئا، وإنما يصنع ويثقب بحجر آخر يسمى تنتواس كما يصنع بالياقوت، ويثقب بحجر السنبادج. ومعدن هذا الحجر لا يظهر حتى يذبح الإبل وينضح الموضع بدمها، فحينئذ تظهر هذه الحجارة وتلقط. وفى هذه الصحراء أيضا معدن الشب الأبيض الطيب «١» الذي لا يوجد مثله ببلد، ومن هناك يحمل إلى جميع البلاد. ومن تادمكة ٩ أيام إلى مدينة كوكوا «٢» : وهى مدينة عظيمة فيها خلق كثير من السودان لا يحصى لهم عدد، وهى على النيل، ويقال إنما سموا كوكوا، لأن الذي يفهم من نغمة طبولهم كوكوا؛ وكذلك يذكر عن بلد زويلة إن الذي يفهم من نغمة طبولهم زويلة. ومن سار من مدينة كوكوا على شاطئ البحر غربا انتهى إلى مملكة يقال لها الدمدم «٣» ، يأكلون من وقع إليهم من البيضان، ولهم مملكة كبيرة وبلاد واسعة. وفى بلادهم قلعة عظيمة عليها صنم فى صورة امرأة وهم يعبدونه ويحجبونه. ومن غرائب بلاد السودان، أنه ينبت عندهم فى الرمال شجرة طويلة الساق دقيقة، يسمونها توريرى، لها ثمر كبير منتفخ، داخله صوف أبيض يغزل، ويصنع منه الثياب والأكسية فلا تؤثر النار فيها. أخبر بذلك من أخبره الفقيه عبد الملك، أن أهل اللامس «ا» من بلاد السودان ليس لهم لباس غير هذه الثياب، وأخبر أنه لو وقدت النار على هذه الثياب الدهر كله لم تؤثر فيها شيئا، غير أن النار تغسل من أوساخها؛ ومن هذا النوع الحجارة بوادى درعة، وقد تقدم ذكرها.