ومما يدعو إلى الأسف أننا نجهل مؤلف كتاب الاستبصار.
فباستثناء ابن أبى زرع، صاحب كتاب روض القرطاس، الذي يذكر عنوان الكتاب «١» لم يشر أى كاتب آخر إلى الكتاب أو إلى مؤلفه.
هذا كما أن المؤلف لا يمدنا خلال كتابته بأية معلومات تكشف لنا عن شخصيته. وهنا نجد ثلاث كلمات تعبر عنه وهى:«المؤلف» أى صاحب الكتاب، «والناظر» ثم «الواضع» ولها معنى كلمة المؤلف. وعلى ذلك فسنكتفى بالعناية بكلمتى «المؤلف» و «الناظر» . هل تعنى الكلمتان شخصية واحدة أو شخصيتين مختلفتين؟ يمكن أن تكون كلمة الناظر لقبا كان يحمله المؤلف وبهذا تدل «المؤلف» و «الناظر» على شخص واحد. ولكن هذا الافتراض غير محتمل إذ لا نعرف «الناظر» لقبا فى تلك الفترة.
وقد يكون معنى كلمة «الناظر» قريبا من معنى كلمة «المراجع» أى الذي أعاد النظر فى الكتاب ونظمه وأعطاه شكله الأخير. وهنا تعنى كلمة الناظر شخصا آخر غير المؤلف. وهذا ما تؤيده الفقرة التالية التى تختم الكتاب (ص ٢٢٦) : «قال الناظر: هنا انتهى ما وجدته من هذا الموضوع، ولقد أحسن واضعه ورتب ما حقق، وهذا لعمرى أقرب وأخصر من غيره، ففيه ما فى غيره وليس فى غيره ما فيه.
وحققت وطرزت كتاب الواضع بما قيدت فى هذه المواضع، وأنا مؤمل أن أتفرغ لوضع كتاب كامل يحتوى على ذكر بلاد المغرب وممالكها إلى هذه الايام السعيدة الإمامية، وأضيف إليها ما رفعته للحضرة العلية من مفاخر هذا الأمر العالى- أيد الله دوامه- سنة ٨٠ [٥][١١٨٤- ١١٨٥] ، وهو ما يزيد عندى من فتوحاته المستأصلة لشأفة الأعداء ... » .