المعدن «١» . ويتصل ببلادهم معدن الزمرد الفائق الذي ليس له مثيل بعمور الأرض، وهو بموضع يعرف بالخربة فى مفازة وجبال محمية بالبجاة، وإليهم يؤدى الخفارة من يرد لحفر الزمرد. وبين هذا الموضع والنيل أكثر من ٢٠ مرحلة، وبين هذا المعدن والعمران مسيرة سبعة أيام. ولا يعرف معدن للزمرد غيره إلا ببلاد البلهرى من بلاد الهند ولا يلحق بهذا «ا» . والهندى هو الذي يعرف بالمكى لأنه يحمل إلى عدن فيؤتى به مكة فاشتهر «ا» بهذا الاسم.
والزمرد الذي يقطع من الخربة هو أربعة أنواع: فأعلاها الذي يعرف بالمرو، وهو كثير المائية تشبه خضرته السلق إلا أنه يضرب إلى السواد. والنوع الثانى هو البحرى فى لون ورق الآس، وإنما غلب عليه اسم البحرى لأن ملوك الهند والسند والصين يرغبون فيه، ويفضلونه على غيره من الزمرد. والنوع الثالث يعرف بالمغربى لأن ملوك المغرب والأفرنج والأندلس والجلاقة يتنافسون فيه.
والصنف الرابع وهو المسمى بالأصم، وهو أدناها وأقلها ثمنا لقلة مائه وخضرته وكثرة ركوده. وأكثر حجارة الزمرد الفائق يبلغ وزن العدسة ١٠ دنانير، وهذا المعدن قد انهارت غيرانه وتهدمت لبعد العمارة عنه وانقطاع الناس.
ولا خلاف عند جميع من يقرب من موضع ذلك المعدن أن الحيات والأفاعى وسائر الحيوان المسموم لا يقرب هذا المعدن ولا حومته، وقيل إن هذه الحيوانات إذا بصرت بالزمرد الفائق سالت عيونها، وإن الملسوع إذا سقى منه وزن دانق برئ باذن الله تعالى. وكانت ملوك اليونانيين من أرباب الحكمة تفضله على جميع الأحجار، وأهل الحكمة يقولون إن شعاعه نورى وخضرته تقوى بزيادة القمر وامتلائه، والله تعالى فى علمه أسرار مخفية «٢» .