ومن عيوبها الريح الجنوب التي يدعونها المريسيّة، وذلك أنهم يسمّون أعلى الصعيد إلى بلد النوبة مريس، فإذا هبّت الريح المريسيّة ثلاثة عشر يوما تباعا اشترى أهل مصر الأكفان والحنوط، وأيقنوا بالوباء القاتل والفناء العاجل نسأل الله العافية. ومن عيوبها اختلاف هوائها، لأنه في يوم واحد يختلف عليهم أهوية برد وحرّ، وإذا أجدبوا انقرضوا لأنه ليست لهم ميرة من وجه من الوجوه، والناس من عندهم يمتارون فإذا انقطعت من عندهم فنوا نسأل الله العافية. وهم قتلوا عثمان بن عفّان وعليّ بن أبي طالب وعميرا المأمونيّ. ونساء أهل مصر والقبط ضدّ نساء خراسان، لأن نساء خراسان يلدن أذكارا، ونساء القبط لا يكاد يرى منهن إلّا مئناث، وتلد الاثنين والثلاثة والأربعة، ولا نعلم ناسا في الأرض أكثر ذكرانا من آل أبي طالب.
وتربة مدينة الرسول (عليه السلام) طيّبة والغالية والطيب بها يزداد على العبق وطول الأيّام طيبا، والغالية الثمينة الخطيرة بالأهواز تنقلب في أيّام يسيرة، وحمّاها على الصغير منهم والكبير لا تزايله حتى على المولود ساعة يولد
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : «إن مصر ستفتح بعدي فانتجعوها ولا تتّخذوها دارا فإنه يساق إليها أعجل الناس أعمارا»
فحمّاها أخبث من حمّى الأهواز، ووباؤه أشدّ من ذلك.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : «انتجعوا خيرها واسكنوا غيرها، فإنها معدن السحر والزنا ودار الفاسقين، ولا تغسلوا رؤوسكم بطينها الأسود، فإنه يميت القلب ويكثر الهمّ، ويذهب بالغيرة نعوذ بالله منه» .
قال: وكشف عن حجر بمصر فإذا فيه كتابة:
ويلك يا مصر خرابك سيلك، ملوكك غرباء لا يسود منك فيك ولا منك في غيرك. وقال وهب المعافريّ: إذا رأيتم منبر الفسطاط قد حوّل عن مكانه فتحوّلوا منها. وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: ليأتينّ على الناس زمان قتب على جمل دبر خير من دار بمصر، وقال يحيى بن محفوظ: خلق الله العقل وخلق معه المكر