للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأسكنه العراق، وخلق المكر وخلق معه الجفاء فأسكنه الشام، وخلق الفقر وخلق معه القنوع وأسكنه الحجاز، وخلق الغناء وخلق معه الذلّ وأسكنه مصر، وقال كعب القرظيّ: خلق الله السرقة تسعة أجزاء سبعة منها في القبط.

ومن عجائب مصر: الشبّ وهو حجر أسود مجدّر يطفو فوق الماء، والأبنوس يرسب في الماء، فأيّ شيء أعجب من خشب يرسب في الماء، وحجر يطفو على الماء؟ وضروب من الخشب ترسب في الماء: الأبنوس، والشيز، والعنّاب، والآهندال، وحجر المغناطيس عجب وإن شأن الألماس لعجب، ومن أعاجيب الحجارة الحصاة التي في صورة النواة، تسبح في الخلّ كأنها سمكة، والخرزة التي تجعل في حقو المرأة لئلّا تحبل، والحجر الذي يوضع على حرف التّنور فيساقط خبز التنّور كلّه، ويدّعون أن كعب الأرنب إذا شدّ بساق الملسوع لم يضرّه.

قال: وخراج مصر وحدها يضعف على جميع خراج الروم، وحمل منها موسى بن عيسى في دولة بني العبّاس ألفي ألف ومائة ألف وثمانين ألف دينار.

وعلى أعلى مصر، النوبة والحبشة والبجة. وكان عثمان صالح النوبة على أربع مائة رأس في السنة،

وفي الخبر قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : من لم يكن له أخ فليتّخذ أخا من النوبة.

وقال: خير سبيكم النوبة،

وللنوبة كفّ ووفاء وحسن عهد، وبها الأبنوس الأبيض يتّخذ منه الأسرّة، وبها الكركدن وهو مثل العجل، وفي جبهته قرن يقاتل به، وآخر صغير أسفل منه بين عينيه، يقلع به الحشيش ويطعن الأسد بالذي في جبهته فيقتله، وله ظلف كظلف البقر، ويهرب منه الأسد والفيل، وبالنوبة الزرّافة وذكروا أنها بين النمر والناقة، وأن النمر ينزو على الناقة فتلد الزرّافة، ولا تغتذي إلّا بما تستخرجه من البحر، فخلق الباري جلّ وعزّ لها عنقا طويلا لتبلغ الموضع الذي تستخرج منه الغذاء، ومثله في الحيوان فيما يشاكله ويقرب منه في النتاج، كما يلقح الفرس الحمار، والذئب الضبع، والنمر اللبوة، فيخرج من بينهما الفهد، فالزرّافة لها جثّة جمل، ورأس إيّل، وأظلاف بقر، وذنب طير، وليديها ركبتان وليس لرجليها ركبة، وجلدها منمّر، وهو منظر عجيب

<<  <   >  >>