بركة مبلطة بالنحاس يخرج منها ماء المدينة كله. وفي وسطها عمود من حجارة عليه صورة رجل من حجارة. قال: فسألت بعض أهلها فقلت: ما هذا؟ فقال: إن الذي بني هذه المدينة قال لأهلها لا تخافوا على مدينتكم حتى يأتيكم قوم على هذه الصفة، فهم الذين يفتحونها.
وذكر بعض الرهبان ممن دخلها وأقام بها أن طولها ثمانية وعشرون ميلا في ثلاثة وعشرين ميلا ولها ثلاثة أبواب من ذهب. فمن باب الذهب الذي في شرقيها إلى البابين الآخرين ثلاثة وعشرون ميلا، ولها ثلاثة جوانب في البحر، والرابع في البر. والباب الأول الشرقي والآخر الغربي والآخر اليمنى. ولها سبعة أبواب سوى هذه الثلاثة الأبواب من نحاس مذهب. ولها حائطان من حجارة رخام، وفضاء طوله مائتا ذراع بين الحائطين.
وعرض السور الخارج ثمانية عشر ذراعا وارتفاعه اثنان وستون ذراعا. وبين السورين نهر ماؤه عذب يدور في جميع المدينة ويدخل دورهم مطبّق برفوف النحاس، كل دفة منها ستة وأربعون ذراعا. وعدد الرفوف مائتان وأربعون ألف دفة. وهذا كله من نحاس.
وعمود النهر ثلاثة وتسعون ذراعا في عرض ثلاثة وأربعين ذراعا. فكلما همّ بهم عدو وأتاهم، رفعت تلك الرفوف فيصير بين السورين بحر لا يرام.
وفيما بين أبواب الذهب إلى باب الملك اثنا عشر ميلا وسوق ماد من شرقيها إلى غربيها بأساطين النحاس، مسقف بالنحاس وفوقه سوق آخر، وفي الجميع التجار.
وبين يدي هذا السوق سوق آخر على أعمدة نحاس، كل عمود منها ثلاثون ذراعا. وبين هذه الأعمدة نقيرة من نحاس في طول السوق من أوله إلى آخره فيه لسان تجري من البحر، فتجيء السفينة في هذا النقير وفيها الأمتعة حتى تجتاز في السوق بين يدي التجار فتقف على تاجر تاجر فيبتاع منها ما يريد ثم ترجع إلى البحر.