والمهديّ، وهارون الرشيد، وكان بها عمّال العراق والدعوة لهم في العطاء قبل أهل البصرة عدّة أهل الكوفة ثمانون ألفا، ومقاتلتهم أربعون ألفا، وكان زياد يقول: أهل الكوفة أكثر طعاما، وأهل البصرة أكثر دراهم.
وقال الأحنف بن قيس: نزل أهل الكوفة في منازل كسرى بن هرمز بين الجنان الملتفّة والمياه الغزيرة والأنهار المطّردة، تأتيهم ثمارهم غضّة لم تخضد ولم تفسد، ونزلنا أرضا هشّاشة في طرف فلاة، وطرف ملح أجاج في سبخة نشّاشة، لا يجفّ ثراها، ولا ينبت مرعاها، يأتينا ما يأتينا في مثل مريء النّعامة.
قال: ولمّا ظهر أمير المؤمنين (عليه السلام) على أهل البصرة قال أعشى همدان:
اكسع البصريّ إن لاقيته ... إنّما يكسع من قلّ وذلّ
واجعل الكوفيّ في الخيل ولا ... تجعل البصريّ إلّا في النّفل
وإذا فاخرتمونا فاذكروا ... ما فعلنا بكم يوم الجمل
بين شيخ خاضب عثنونه ... وفتى أبيض وضّاح رفل
جاءنا يخطر في سابغة ... فذبحناه ضحى ذبح الحمل
وعفونا فنسيتم عفونا ... وكفرتم نعمة الله الأجلّ
وقال فطر بن خليفة: نازعني قتادة في الكوفة والبصرة فقلت: دخل الكوفة سبعون بدريّا، ودخل البصرة عتبة بن غزوان فسكت.
وقال أمير المؤمنين: قبّة الإسلام الكوفة، والهجرة بالمدينة، والأبدال بالشام، والنجباء بمصر وهم قليل.
وقالوا: من نزل الكوفة فلم يقرّ لهم بفضل ثلاث، فليست له بدار: بفضل ماء الفرات، ورطب المشان، وفضل أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) ومن نزل البصرة. فلم يقرّ لهم بثلاث فليست له بدار: بفضل عثمان، وفضل الحسن البصريّ ورطب الأزاذ.