طائفة من تلك العيون وبقي بعضها في أيدي الأعاجم. ثم لمّا قدم المسلمون الحيرة وهربت الأعاجم بعد أن طمّت عامة ما كان في أيديها منها وبقي الذي في أيدي العرب. فأسلموا عليه، وصار ما عمروه من الأرض [٤ ب] عشرا. ولما انقضى أمر القادسية والمدائن دفع ما جلا عنه الأعاجم من أرض تلك العيون إلى المسلمين وأقطعوه، فصارت عشرية أيضا.
وكان مجرى عيون الطف وأرضها مجرى أعراض المدينة وقرى نجد.
وكانت صدقتها على عمال المدينة. فلما ولي إسحاق بن إبراهيم بن مصعب السواد للمتوكل ضمها إلى ما في يده. فتولى عمالة عشرها وصيرها سوادية. فهي على ذلك إلى اليوم. وقد استخرجت فيها اليوم عيون إسلامية تجري ما عمرتها من الأرضين هذا المجرى.
وسألت بعد المشايخ عن عين جمل لم سميت بهذا الاسم؟ فذكر أن جملا مات عندها فنسبت العين إليه.
وذكر بعض أهل واسط أن المستخرج لهذه العين يسمى جملا. قال:
وسميت عين الصيد لأن السمك كان كثيرا جدا فيها، فيصطاد فسميت بهذا الاسم.
وكانت عين الرحمة مما طمّتها وغوّرتها الأعاجم. فيقال إن رجلا من أهل كرمان اجتاز بها وهو يريد الحج. فنظر إليها- وكان بصيرا باستنباط المياه- فلما قضى حجه ورجع، أتى عيسى بن موسى فدلّه عليها وقال أنا أستنبطها لك. فكاتب السلطانيّ في أن يقطعه إياها وأرضها، ففعل. واستخرجها له الكرماني فاعتمل ما عليها من الأرض وغرس النخل الذي في طريق العذيب. وعلى فراسخ من هيت عيون تدعى الغرق تجري لهذا المجرى وأعشارها إلى صاحب هيت