فظهرت له أموال وحال لم تكن قبل. ففيه قيل: حبذا الإمارة ولو على الحجارة.
والذي اختط أيام عتبة بن غزوان مسجد البصرة حجر بن الأوزع أمره عتبة بن غزوان بذلك. وكان المنبر في وسط المسجد فأول من حوّله إلى القبلة زياد. وكان في جانب المسجد الشمالي منزويا، وذلك أنه كان دارا لنافع أخي زياد أبي أن يبيعها، فلم تزل على تلك الحال حتى ولى معاوية عبيد الله بن زياد البصرة. فقال عبيد الله لبعض وكلائه: إذا شخص عبد الله بن نافع إلى أقصى ضيعة له فأعلمني، فشخص إلى قصره الأبيض. فأعلمه ذلك. فبعث فهدم الدار وأخذ في بناء الحائط الذي يستوي به تربيع المسجد. وقدم عبد الله بن نافع فضجّ. فقال: إني أثمّن لك وأعطيك مكان كل ذراع خمسة أذرع وادع لك خوخة في حائطك إلى المسجد وأخرى في غرفتك. فرضي. فلم تزل الخوختان في حائطه حتى زاد المهدي فيه ما زاد. فدخلت الدار كلها في المسجد ثم دخلت دار الإمارة كلها في المسجد. أمر بذلك الرشيد.
ولما قدم الحجاج خبّر ان زيادا بنى دار الإمارة بالبصرة. فأراد أن يذهب ذكر زياد [٧ أ] منها فقال: ابنيها بالآجرّ. فهدمها. فقيل له: إنما غرضك أن تذهب ذكر زياد فما حاجتك إلى أن تعظم النفقة وليس يزول ذكر زياد عنها؟ فتركها مهدومة.
قال يونس «١» : فعامّة التي حولها إنما بنيت من طينها وجمع أبوابها. فلم تكن للأمراء دار ينزلونها حتى قام سليمان بن عبد الملك فاستعمل صالح بن عبد الرحمن على خراج العراقين. فقال له صالح: إنه ليس بالبصرة دار إمارة، وحدثه بحديث الحجاج. فقال له سليمان: أعدها. فأعادها بالآجر والجص على أساسها الذي كان ورفع سمكها. فلما أعادوا أبوابها عليها قصرت. فلما مات سليمان وقام عمر بن عبد العزيز استعمل عدي بن أرطاة على البصرة، فبنى فوقها غرفا. فبلغ ذلك عمر، فكتب إليه: هبلتك أمك يا ابن أم عدي! أتعجز عنك مساكن وسعت زيادا وابن زياد؟ فأمسك عدي عن بنائها.