للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغير، وتسفر وجوه الحذر. وما زال الدهر مليئا بالنوائب، طارقا بالعجائب، يؤمن يومه ويغدر غده.

على أنها وإن جفيت، معشوقة السكنى، رحيبة المثوى. كوكبها يقظان، وجوها عريان. وحصاها جوهر ونسيمها معطّر. [وترابها مسك أذفر، ويومها غداة وليلها سحر] «١» وطعامها هنيء، وشرابها مريء، وتاجرها مالك، وفقيرها فاتك، لا كبغدادكم الوسخة السماء، الومدة الهواء. جوّها نار، وأرضها خبار. وماؤها حميم وترابها سرجين. وحيطانها نزوز، وتشرينها تموز. فكم في شمسها من محترق، وفي ظلها من عرق. ضيقة الديار، قاسية الجوار. ساطعة الدخان، قليلة الضيفان. أهلها ذئاب، وكلامهم سباب. وسائلهم محروم، ومالهم مكتوم. لا يجوز إنفاقه، ولا يحلّ خناقه. وحشوشهم مسائل، وطرقهم مزابل. وحيطانهم اخصاص، وبيوتهم أقفاص. ولكل مكروه أجل، وللبقاع دول. والدهر يسير بالمقيم، ويخرج البؤس بالنعيم. وبعد اللجاجة انتهاء والهمّ إلى فرجة. ولكل سائلة قرار. وبالله أستعين وهو محمود على كل حال.

وفي خراب سرمرى يقول ابن المعتز:

غدت سرّمرى في العفاء كأنها ... قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

وأصبح أهلوها شبيها بحالها ... لما نسجتهم من جنوب وشمال

إذا ما امرؤ منهم شكا سوء حاله ... يقولون لا تهلك أسى وتجمّل

[٧٧ أ] .

<<  <   >  >>