[٨٨ أ] مرفقه على ركبته اليمنى، فكتب إلى عمر يعلمه فتح المدينة ويقصّ عليه خبر دانيال عليه السلام، فسأل عمر رضي الله عنه من بحضرته من المسلمين فأخبروه أنه نبيّ وأن بخت نصر لما غزا بيت المقدس وسبى أهله، كان دانيال ممن سبى، ونقل إلى أرض بابل فلم يزل بها حتى مات. فكتب عمر إلى أبي موسى يخبره بالذي انتهى إليه من أمره وأمره بأن يحنطه ويكفنه ويدفنه من غير أن يغسله.
ويكون دفنه إياه في جوف الليل حتى يكون الله تعالى هو الذي يبعثه كما يبعث خلقه. فلما انتهى إليه كتاب عمر إلى أبي موسى، عمد إلى نهر من أنهار السوس فأمر بسكره فسكر، ثم حفر لدانيال في جوف النهر ثم عمد إليه فحنطه وكفنه وحمله وأربعة من المسلمين في جوف الليل فقبره في ذلك النهر ثمّ أجرى عليه الماء فلم يعلم أحد موضع قبره إلى يومنا هذا.
ويقال إنه أخذ خاتما كان في إصبعه وكذلك يقال أيضا إنه وجد معه كتب فيها أخبار الملاحم وما يكون من الفتن وانها صارت إلى كعب الأحبار.
وعسكر مكرم: نسبت إلى مكرم بن [معزاء الحارث]«١» أحد بني جعونة بن الحارث بن نمير. وكان الحجاج بن يوسف وجهه لمحاربة خوزاد بن بارس حين عصى ولحق بالإيذج وتحصّن في قلعة تعرف به. فلما طال عليه الحصار نزل مستخفيا ليلحق بعبد الملك بن مروان. فظفر به مكرم ومعه درّتان في قلنسوته.
فأخذه وبعث به إلى الحجاج. وكانت هناك قرية قديمة فبناها مكرم. ولم يزل يبني ويزيد حتى جعلها مدينة وسماها عسكر مكرم.
وقال الثوري: الأهواز تسمى بالفارسية هوز مسير. وإنما كان اسمها الأخواز فغيرها الناس فقالوا الأهواز. وأنشد لأعرابي:
لا ترجعنّي إلى الأخواز ثانية ... وقعقعان الذي في جانب السوق
ونهر بطّ الذي أمسى يؤرّقني ... فيه البعوض بلسب غير تشفيق