للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منهم بما خطر بهم فيه وعرضهم له. فهذا الذي عندي من عيوب هذا البناء.

فقام رجل آخر فقال: قد سمعت مقالة هذا في عيب ما عاب في بناء الملك.

وأنا أقول مثل قوله عن فضل طاعته منه، ورضا منه عنه. فقد بلغ غاية الاسخاط للذي رضاه خلاف رضاها. وإن كان الملك أباه بجهاله بما فيه، فليس بأصغر الخطأين ولا أقلهما فيما ألزمه من وزره. بل لو كان ذلك على معرفة فيما لا يشك فيه من التقصير عن شكره لكان الملك هو الجاني على نفسه. وأشد من هذا وأفحش، ان الملك عسى أن يقول: إني إنما أردت بما شيدت من هذا البناء إعزاز الدين وتفخيم أمره. فلينظر، فإن كان شيء من أمر الدنيا موافقا لأمر الدين، فقد صدق في ظنه. وكذلك العائب له. وإلّا فالعيب في ذلك لازم له دون غيره.

وقام آخر فقال: قد سمعت أيها الملك ما قالا وسبقاني به. وأشد منه وأعيب أن كان خاصّة الملك وأحباؤه لم يجهلوا هذا وأغضوا عليه فلم يؤدّ أحد منهم إليه شيئا من حقه في تبيينه له أو جهلوه ولم يعرفوه. فكل أحد أغنى له وأفصح منهم له وأحق بالموضع الذي وضعهم به. ثم أطرق الناس. فقال الملك خافضا صوته: قد علمنا أن أم الفواحش لم تكن تسوغنا ما هجينا به من مجلسنا هذا حتى يكدّره علينا من طمع في ذلك من وانها «١» فقد لزمته الخبرة والخطأ. ثم سأل عن النفر المتكلمين فإذا هم قوم متظلمون: اثنان من أهل تستر والآخر من أهل أردشير خرة. فأمر بإنصافهم.

وأنشد أبي لمحمد بن القاسم بن يحيى المرتجى في بناء دار [١٠٣ ب]

أتمّها الله من دار وأكملها ... وبالأمان من الآفات ظلّلها

لله ما هي أبهاها وأنبلها ... لله ما هي أحلاها وأشكلها

هذا تلؤلؤها قبل التمام فلو ... تمّت حمت كلّ ذي طرف تأمّلها

الله جلّلها نورا وجمّلها ... وبالحسين فتى الإفضال فضّلها

سبحان خالقه سبحان خالقها ... سبحان من منه بالتشريف سربلها

<<  <   >  >>