للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الورق. قال فأخبرني عن مطركم. قال: يزيل العود ويقلب الحجر. قال: بحسب ريحكم يكون مطركم.

قال: والعرب تزعم أن بني زهير بن جناب أقوم العرب مياها. وهي التي أوقف إياهم عليها عبيد بن مسهر العادي.

ولبني غاضرة مياه تعرف بلينة يقال إنها ثلاثمائة عين. ويزعم أهل السير أن سليمان بن داود عليهما السلام، خرج من بيت المقدس يريد الشام فلما صار إلى هذا الموضع الذي يقال له لينة- وهي أرض خشنة- عطش الناس، ولحق أهل العسكر أمر عظيم من ذلك. ووجه سليمان [١٠٧ أ] عليه السلام جماعة يطلبون الماء، ونزل في ذلك الموضع لعطش الناس. قال: فبينا هو كذلك إذ نظر إلى شيطان يضحك ويستغرب في الضحك، فغاط سليمان وأمر بقتله. فقال: لم تقتلني يا نبي الله؟ قال: لضحكك والناس مشرفون على الموت. فقال: إنما أضحك لعطشهم وهم على لجة بحر. قال سليمان: وكيف ذلك؟ قال: مرهم أن يحفروا.

فإن الماء على ذراع. فأمرهم بذلك، فحفروا وأنبطوا الماء. وكان رجل قد حفر حفيرة لنفسه. فلما طال على ذلك الدهر، يدفن عامتها وبقي نميرها ما ذكرنا.

وفيها يقول مضرس الأسدي.

لمن الديار غشيتها بالإثمد ... فصفاء لينة كالحمام اللّبّد

ويقال: إنه لم يمت قوم عطشا إلّا على ماء.

ومات قوم من العطش الشجى في أيام الحجاج- والشجيّ منزل من منازل طريق مكة من ناحية البصرة- فاتصل خبرهم بالحجاج فقال: إني أظنهم دعوا الله حين بلغ بهم الجهد، فاحفروا في مكانهم الذي كانوا فيه، فلعل الله أن يسقي الناس. فقال رجل من جلسائه: قد قال الشاعر:

تراءت له بين اللوى وعنيزة ... وبين الشجى مما أحال على الوادي

ما تراءت له إلّا على ماء. فأمر الحجاج عبيدة السلمي أن يحفر بالشجى بئرا. فحفر فأنبط ماء لا ينزح.

<<  <   >  >>