وجرى أمر همذان على مثل صلح نهاوند وذلك في آخر سنة ثلاث وعشرين.
وقال بعض علماء الفرس: كانت همذان أكبر مدينة بالجبل وكانت أربعة فراسخ في مثلها. وكان طولها من الجبل إلى قرية يقال لها زينوآباد. وكان صنف الفاخرانيين بها وصنف الصيارفة بسيجاباد «١» .
وكان القصر الخراب الذي بسيجاباد تكون فيه الخزائن والأموال. وكان صنف البزازين بقرية يقال لها بريشقان «٢» . فيقال إن بخت نصر لما غلب على الأرض وأخرب بيت المقدس، بعث إليها قائدا يقال له صقلاب في خمسمائة ألف رجل. فأناخ عليها وأقام يحارب أهلها مدة وهو لا يقدر عليها. فلما أعيته الحيلة فيها وعزم على الانصراف استشار أصحابه. فقالوا له: الرأي أن تكتب إلى بخت نصر تعلمه أمرك وتستأذنه في الانصراف. فكتب إليه: أمّا بعد، فإني وردت على مدينة حصينة كثيرة الأهل منيعة واسعة الأنهار ملتفة الأشجار كثيرة المقاتلة. وقد رمت فتحها فلم أقدر عليها. وقد ضجر أصحابي المقام وضاقت عليهم الميرة والعلوفة. فإن أذن لي الملك بالانصراف، انصرف.
فلما ورد الكتاب على بخت نصر كتب إليه: أما بعد، فقد فهمت كتابك وقد رأيت أن تصوّر لي المدينة بجبالها وعيونها وطرقها وقراها ومنبع مياهها وتنفذ إليّ ذلك حتى يأتيك أمري.
ففعل صقلاب ما أمر به. وصور له المدينة وأنفذ الصورة إليه وهو ببابل.
فلما وقف عليها جمع الحكماء وقال: أجيلوا الرأي في هذه الصورة وانظروا من أين تفتح هذه المدينة. فأجمعوا على أن تسدّ عيونها [١١١ ب] حولا ثم يفتح السد ويرسل على المدينة فإنها تغرق. فكتب بخت نصر إلى صقلاب بذلك وأمره بما قاله الحكماء. ففعل ذلك. فلما كان عند الحول ٢/٣٧ فتح الماء وأرسله على المدينة فهدم سورها وغرق أكثرها ودخلها صقلاب، فقتل المقاتلة وسبى الذرية وأقام بها