٢/٦٢ ولقد قال بعض الدمشقيين ممن قد جال الآفاق ودار البلدان: دخلت غوطة دمشق وأبلّة البصرة واسكندرية مصر وصنعاء اليمن. ورأيت خورنق الكوفة والبرية المسماة خد العذراء وحافتي دجلة والفرات وبغداد وباب الطاق وباب [١٢٠ ب] الكرخ مع سائر الأسواق.
ودخلت شابور فارس، ونظرت إلى شعب بوّان وماجان مرو وسريان الري ومستشرف باكرخى. وشاهدت سمرقند والصغد وبلخ. فما رأيت بلدا أطيب ولا أعذب ماء ولا أكثر خيرا من إقبال همذان. وما ظنك ببلد حشيشه الريحان والزعفران وشرابه العسل والسمنان وثمره العنب والرمان. قال الشاعر:
بلد نبات الزعفران ترابه ... وشرابه عسل بماء قنان
قال: فلما بلغ ابن أبي سرح هذا المكان قال له صاحب المنزل: يا أبا عبد الله! وأفرطت وقلت في الجبل عاله وعليّه. وهذا وقت ضيق وقد حضرت الصلاة.
والصواب قطع هذه المفاخرة وترك هذه المناظرة.
فقال: قد قطعت ذلك، وإن عاد عدنا. ثم قام وهو يقول:
إن عادت العقرب عدنا لها ... وكانت النعل لها حاضرة
وقال بعض الشعراء «١» :
وبالقوس لمّا حلّت الشمس أظلمت ... وأطبق أروند على همذان
وهبّت رياح الزمهرير فأحرقت ... بها كلّ ذي جنس من الحيوان
فما أن ترى شيئا بها غير جامد ... مع النفط والنفّاط والقطران
ترى الناس بين السوق والدور جمّدا ... عداهم من الترداد والجولان
فطرقهم والدور مطموسة بهم ... يزيدهم طمسا ٢/٦٣ وليس بفان