بأهلي أهل الأبرقين وجيرة ... سأهجرهم لا عن قلى فأطيل
ألا هل إلى سرح ألفت ظلاله ... وتكليم أهل الأبرقين سبيل؟
وقال الفضل بن إسحاق «١» : لقيت أعرابيا فقلت: ممن الرجل؟ فقال: من بني أسد. قال: فمن أين أقبلت؟ قال: من هذه البادية. قلت: فأين مسكنك؟
قال: مساقط الحمى، حمى ضرية بأرض [لعمر الله] ما نريد بها بدلا، ولا عنها حولا. قد نفحتها العدوات وحفتها الفلوات. فلا يملولح ترابها ولا يمعر جنابها.
ليس لها أذى ولا قذى [ولا عك ولا موم] ولا حمّى. فنحن فيها بأرفه عيش وأوسعه. قلت: وما طعامكم؟ قال: بخ بخ. عيشنا والله عيش تعلل جاذبه (؟) وطعامنا أطيب طعام وأهنأه وامرأة: الفت والهبيد والفطس والصلب والعنكف [والظهر] والعلهز والذآنين [والطراثيث] والعراجين والحسلة والضباب. وربما أكلنا القد واشتوينا الجلد. فما نرى أن أحدا أخصب منا. فالحمد لله على ما بسط من الرزق ورزق من حسن الدعة. أو ما سمعت بقول قائلنا وقد كان عالما بلذائذ العيش وطيبه:
إذا ما أصبنا كلّ يوم مذيقة ... وخمس تميرات صغار كوانز
فنحن ملوك الناس شرقا ومغربا ... ونحن أسود الناس عند الهزاهز
وكم متمنّ عيشة لا ينالها ... ولو ناله أضحى به جدّ فائز
[١٢٢ ب] الفث: نبات أسود. والعنكث: نبت. والذآنين. والحسل: ولد الضب.
وقال بعضهم: من امارات العاقل ألفه لإخوانه وحنينه إلى أوطانه.