العدل بالجور. وإذا حال الكذب بالصدق، مال الجور بالعدل. فأطبقت الأرض ذنوبا. فقولوا الصدق ولو بمقياس شعرة، فإنه نور من نور الله. واجتنبوا الكذب ولو بمقياس شعرة فإنه عدة من عدد الشيطان. واصدقوا من صدقكم يولد الصدق صدقا. ولا تكذبوا من كذبكم فيولد الكذب كذبا. فإن لهما من طبائعهما وجنسهما لقاحا ولهن حلبا. فحلب الصدق ولقاحه لمن تمسك به النجاة. وحلب الكذب ولقاحه لمن تمسك به الهلكة. وثمرة ذاك داء. وثمرة هذا دواء.
فكونوا أيها الحكماء صدّيقين تمتلئ أفواهكم نورا، ولا تكونوا كذابين فتغلب على ألسنتكم اللعنة. ٢/٧٣ فإني افتتحت بالله كلاما كنت به صادقا فمشيت على الماء وافتتحت [١٢٦ ب] بالشيطان كلاما كنت به كاذبا فهويت في الظلمة.
فجعلت توبتي من تلك الكذبة عظتي في هذه الصخرة ليتعظ بي متعظ ويأخذ عن تجربتي آخذ. فخذوا هذه الحكمة الناطقة عن هذه الصخرة الصامتة.
[ووقفت أنا وعبد الله بن محمد بن زنجويه بن مهران وهو من بنك دهاقنة همذان وأصحاب ساروق وحصنها، فقرأت عليه خبر الإسكندر فأنشدني لنفسه:
قدك عن القهوة والحور ... لست مع الشّيب بمعذور
تقدمة الموت مشيب فهل ... أنت عن اللهو بمزجور
كم لك يا عاقل من عبرة ... لو نفع الحذر لمحذور
كتابة في سفح أروندنا ... في صخرة من عهد سابور
الصدق ميزان الجواد الذي ... باليسر يأتي بعد معسور
والمين مكيال اللّعين الذي ... أخرجنا من معدن الحور
يا أيّها الناطق صدقا لقد ... ملي به فوك من النّور
وأيّها الشاهد زورا لقد ... هويت في هوّة دردور
إنّي افتتحت القول بالله كي ... أمشي على ساحل ممخور
٢/٧٤ فظلت فوق الماء والبحر لي ... والموج في طاعة مأمور
وقلت بالشيطان قولا به ... ظللت في ظلمة ديجور