خذ هذه الحكمة عن صخرة ... تبقى إلى النفخة في الصور] «١»
وقال بعض الحكماء: وجدنا الناس قبلنا كانوا أعظم أجساما وأعظم من أجسامهم أحلاما. وأشدّ قوة وأشد بقوتهم امتحانا. وأطول أعمارا وأطول بأعمارهم للأمور اختبارا.
فكان صاحب الدين منهم أبلغ في أمر الدين علما وعملا من صاحب الدين منا. وكان صاحب الدنيا كذلك. ووجدناهم لم يرضوا بما قلّدوا به من الفضل حتى أشركونا معهم بأنفسهم فيما ابتغوا من علم الآخرة والأولى. فكتبوا به الكتب الباقية وكتبوا بها التجارب والفطن وبلغ اهتمامهم بذلك أن الرجل منهم كان يفتح له باب من العلم وكلمة من الصواب وهو بالبلد غير المأهول فيكتبه في صخرة من جبل وعلى باب قصر خراب، ضنّا منه بذلك وكراهية أن يسقط ذلك الباب وتشذ تلك الكلمة على من يأتي بعدهم.
فكتبوا الكتب الباقية من العلم وكان صنيعهم في ذلك صنيع الوالد المشفق على الولد البار. وكانوا يعمدون إلى المواضع المشهورة والأماكن المعروفة التي هي أجدر أن تبقى على وجه الدهر وتبعد من الرءوس فيجعلون منها الشيء من الحكم والباب من العلم كما ٢/٧٥ كتبوا على قبة غمدان وعلى عمود مأرب وعلى ركن المشقّر وعلى سواري الاسكندرية وعلى إيوان الحضر وعلى الأبلق الفرد وعلى الهرمين وعلى باب الرها وعلى باب القيروان وعلى باب سمرقند وعلى صخرة همذان.
المملحة بفراهان:
قالوا: ومن عجائب همذان الملاحة التي برستاق يقال لها فراهان. وهي بحيرة تكون أربعة فراسخ في مثلها. فإذا كانت أيام الخريف واستغنى أهل تلك