وسائر حيطانه. فإن كان مبنيا من حجارة مهندمة قد لوحك بينها حتى صارت كأنها حجر واحد، لا يتبين منها مجمع حجرين ولا ملتقى صخرتين. فهذا عجب وأمر حسن جدا. وإن كان حجرا واحدا. فكيف نقرت بيوته وخزائنه وممراته ودهاليزه وشرفات سوره. وهذا أعجب وأعظم من أن يكون من حجارة شتى لأنه عظيم جدا كبير المجالس والخزائن والغرف.
وفي مواضع منه كتابة بالفارسية يقرأها من كان يعرف الخط الفارسي. وهي أخبار ملوكهم وشيء من سيرهم وتدبيرهم. وفي كل ركن من أركانه صورة جارية عليها كتابة.
وعلى مقدار نصف فرسخ من هذا القصر، ناووس الظبية، وهو على تل مشرف وحوله عيون كثيرة وأنهار غزيرة.
وكان السبب في أمره أن بهرام جور خرج متصيدا ومعه جارية كانت من أحظى جواريه عنده وأقربهن من قلبه «١» . فلما فرغ من صيده نزل على هذا التل فتغدى ٢/٩٠ وقعد يشرب مع الجارية. فلما أخذ فيه الشراب قال لها: تشهّي عليّ شيئا أبلغك إياه. فنظرت إلى سرب ظباء. فقالت الجارية: ان تجعل بعض ذكورة هذه الظباء مثل الإناث، وتجعل بعض إناثه مثل الذكورة، وترمي ظبية من ظبائه فتصل ظلفها مع أذنها. فورد على بهرام أمر بقي فيه متحيرا ثم قال: إن لم أفعل ذلك عيّرني الملوك وغيرهم من سائر الناس وقالوا امرأة تشهّاها شيئا ثم لم يقدر عليه.
ثم أخذ الجلاهق ورمى الظبية ببندقة فأصاب أذنها، فرفعت ظلفها لتحك أذنها فانتزع سهما فخاط به أذنها مع ظلفها. ثم ركب فرسه إلى السرب فأقبل يرمي [١٣٤ ب] الذكور ذوات القرون بنشّاب له ذو شاخين فيقتلع القرون بذلك، ويرمي الإناث متعمدا رؤوسها فتنبت سهامه فيها فتصير كأنها قرون. فلما بلغ من ذلك ما أرادت الجارية انصرف فذبح الجارية ودفنها مع الظبية وبنى عليهما ناووسا من