للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولم يزل أهل] «١» طبرستان يؤدون هذا الصلح مرة ويمتنعون أخرى ويحاربون ويسالمون. فلما كان أيام مروان بن محمد، غدروا ونقضوا ومنعوا ما كانوا يحملونه. فلما صارت الخلافة إلى بني العباس [استخلف أبو العباس أمير المؤمنين، فوجّه إليهم عامله ٢/١٥٤ فصالحوه ثم إنهم غدروا أيضا ونقضوا وقتلوا المسلمين في خلافة المنصور] فوجّه إليهم خازم بن خزيمة التميمي وروح بن حاتم ومعهما مرزوق أبو الخصيب. فسألهما مرزوق حين ضاق عليهم الأمر وصعب أن يضرباه ويحلقا رأسه ولحيته ليوقع الحيلة على الاصبهبذ. ففعلا ذلك وهرب بمواطاة منهما إلى الاصبهبذ فقال له: إن هذين الرجلين استغشاني. فإنهما لما أشرت عليهما أن لا يقصدا بلدك وعرفتهما صعوبة وخشونة طرقه وعقابه ففعلا بي ما ترى. فإن قبلت انقطاعي إليك وأنزلتني المنزلة التي استحقها منك دللتك على عورات العرب وكنت يدا معك عليهم، وإن لم تقبل نصحي واتهمتني انصرفت عنك إلى غيرك من الملوك.

فقبله الاصبهبذ وأحسن إليه واستخصه وأظهر الثقة به والمشاورة له. فكان يريه أنه له ناصح ومشفق عليه. فلما اطلع على أموره وعوراته كتب إلى خازم وروح بما احتاجا إلى معرفته واحتال لباب القلعة حتى فتحه وأدخل المسلمين إليها فملكوها.

وكان عمرو بن العلاء جزارا من أهل الري فجمع جمعا وقاتل الديلم فأبلى بلاء حسنا فأوفده [جهور بن مرار العجلي] إلى المنصور فقوّده [وجيّشه] وجعل له منزله. وتراقت به الأمور حتى ولي طبرستان واستشهد في خلافة المهدي.

وافتتح محمد بن موسى بن حفص بن عمرو بن العلاء ومازيار بن قارن جبال شروين من طبرستان، وهي من أمنع الجبال وأصعبها وأكثرها شجرا وغياضا. وكان فتحهما إياها في أيام المأمون. فقلد المأمون عند ذلك مازيار، طبرستان والرويان ودنباوند وسماه محمدا وجعل له مرتبة الاصفهبذ. فلم يزل واليا عليها حتى توفي

<<  <   >  >>