فرسخا إلى حيث انتهى الولاة وعرفاء الديلم. وما وراء ذلك لم يوصل إليه فيخبر عنه.
وكانت طبرستان في الحصانة والمنعة على ما هي عليه، وكانت ملوك فارس تولّيها رجلا ويسمّونه الأصبهبذ، فلم يزالوا على ذلك حتى جاء الإسلام وافتتحت الممالك المتّصلة بطبرستان، فكان صاحب طبرستان يصالح على الشيء اليسير، فيقبل منه لصعوبة المسلك إليها وخشونتها حتى ولّى عثمان بن عفّان سعيد بن العاص بن أميّة الكوفة سنة ٢٩، فكتب مرزبان طوس إليه وإلى عبد الله بن عامر بن كريز وهو على البصرة يدعوهما إلى خراسان على أن يملّك عليها أيّهما غلب وظفر، فسبق ابن عامر وخرج سعيد فغزا طبرستان ومعه في غزاته الحسن والحسين أبناء عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، ففتح سعيد من طبرستان طميش ونامية وصالح ملك جرجان على مائتي ألف درهم بغليّة وافية ٢/١٥٣ فكان يؤدّيها إلى غزاة المسلمين، وافتتح أيضا من طبرستان الرّويان ودنباوند، وأعطاه أهل الجبال مالا، ثم ولي معاوية فولّى طبرستان مصقلة بن هبيرة بن شبل، فتوغّل بمن معه في بلاد طبرستان، فلمّا جاوز المضايق أخذها العدوّ عليهم ودهدهوا الصخور على رؤوسهم فهلكوا أجمعين وهلك مصقلة فضرب الناس به المثل، فقالوا: حتى يرجع مصقلة من طبرستان.
ثم إن عبيد الله بن زياد بن أبي سفيان ولّى محمّد ابن الأشعث الكنديّ طبرستان فصالحهم وعقد لهم عقدا، ثم أمهلوه حتى دخل وأخذ عليه المضيق وقتل ابنه أبو بكر وفضخوه ثم نجا، فكان المسلمون يغزون ذلك الثغر وهم حذرون من التوغّل في أرض العدوّ.
ثم ولى يزيد بن المهلّب خراسان وسار يريد طبرستان، فاستجاش اصبهبذ الديلم وقاتله يزيد، ثم إنه صالحه على أربعة آلاف ألف درهم وسبع مائة ألف درهم مثاقيل في كلّ سنة وأربع مائة وقر زعفران، وان يخرجوا أربع مائة رجل على رأس كلّ رجل ترس وجام فضّة ونمرقة حرير وفتح يزيد الرّويان ودنباوند على مال وثياب وآنية.