للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما يزيد ما قلناه في فارس وضوحا ان النبي (صلى الله عليه وسلم) كان بعث خنيس بن عبد الله بن حذافة السهمي ٢/١٦٧ إلى كسرى وكتب إليه كتابا بدأ فيه بنفسه. فلما قرأه كسرى غضب ومزّقه وبعث إليه بتراب.

فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : مزّق كتابي. أما انه سيمزق دينه وأمته وملكه، وبعث إليّ ترابا. أما إنكم ستملكون أرضه.

فكيف يكون البقية الحسنة لمن أعلمنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنهم سيمزقون؟ لا جرم إنهم قد خملوا ودرسوا مدارس إلى يومنا هذا.

[وهم] «١» أبخع الناس بطاعة سلطان، وأصبرهم على الظلم وأثقلهم خراجا وأذلهم نفوسا.

وذكر جماعة من مشايخهم أنهم لم يعرفوا عدلا قط، وإن سيرتهم «٢» عمر بن عبد العزيز شملت البلاد كلّها غير بلدهم، فإن عامله الذي أنفذه إليهم هلك في سيره نحوهم.

ويزعم قوم من أهل السواد أنهم من أبناء أشراف فارس. وربما قال بعضهم إنهم قوافل خراسان. وإنما كانوا فإن الله قد [١٥٨ أ] أسبغ عليهم بالعرب النعمة وظاهر لهم الكرامة وأثقب لهم العز وأبدلهم بها () «٣» حالا لا ينكرها غير «٤» منقوص أو حاسد كفور. لأن السواد فتحته العرب عنوة، والإمام مخيّر في العنوة بين القتل والرق والفدية والمنّ، فاختاروا خير الأمور لهم وحقنوا دماءهم ومنّوا عليهم وأقرّوا الأموال في أيديهم.

ثم جاوروا السلطان من بني العباس وأولياءه من أهل خراسان، فاستخلصهم

<<  <   >  >>