للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتحج إلى هذا البيت. وكانت سنّتهم إذا هم وافوه أن يسجدوا للصنم الأكبر ويقبلوا برمك.

وكانوا قد جعلوا للبرمك ما حول النوبهار من الأرضين سبعة فراسخ في مثلها. وسائر أهل ذلك الرستاق عبيد له يحكم فيهم بما يريد.

وكانوا قد صيروا للبيت وقوفا كثيرة وضياعا عظيمة سوى ما يحمل إليه من الهدايا التي تتجاوز كل حد. وسائر أموال ذلك مصروفة إلى البرمك الذي يكون عليه.

فلم يزل برمك بعد برمك إلى أن افتتحت خراسان أيام عثمان بن عفان رضي الله عنه. وقد صارت السدانة إلى برمك أبي خالد بن برمك، فسار إلى عثمان بن عفان مع دهاقين كانوا ضمنوا مالا في البلد. ثم إنه رغب في الإسلام فأسلم وسمّي عبد الله ورجع إلى ولده وأهله وبلده فأنكروا عليه إسلامه وجعلوا بعض ولده مكانه برمكا. ٢/١٧٣ فكتب إليه نيزك طرخان- وهو أحد الملوك يعظم ما أتاه من الإسلام ويدعوه إلى الرجوع في دين آبائه. فأجابه برمك: إني إنما دخلت في هذا الدين اختيارا له وعلما بفضله من غير رهبة ولا خوف، ولم أكن لأرجع إلى دين بادي العوار مهتك الأستار. فغضب نيزك وزحف إلى برمك في جمع كثيف. فكتب إليه برمك: قد عرفت حبي للسلامة واني ان استجرت الملوك عليك أنجدوني، فاصرف عني أعنّة خيلك وإلّا حملتني على لقائك. فانصرف عنه. ثم استغرّه وبيّته [١٦١ ب] فقتله وعشرة بنين له، فلم يبق له خلف سوى برمك أبي خالد، فإن أمه هربت به وكان صغيرا إلى بلاد القشمير فنشأ هناك وتعلم النجوم والطب وأنواعا من الحكمة- وهو على دين آبائه-. ثم إن أهل بلده أصابهم طاعون ووباء فتشاءموا بمفارقة دينهم ودخولهم في الإسلام، فكتبوا إلى برمك فقدم عليهم وأجلسوه في مكان أبيه، وتولى أمر النوبهار فسمّي برمكا.

فتزوج برمك بنت ملك الصغانيان فولدت له الحسن وبه كان يكنى، وخالدا،

<<  <   >  >>