فخرج إليه بهمن بن إسفنديار وأعطاه الطاعة وحمل إليه الخراج ثم أقام له الترك في جميع مملكته. وكان طريقه على الأهواز حتى دخل في أرض خراسان فانتهى إلى النهر الأعظم فعبره بالسفن حتى وافى مدينة بخارا فطواها حتى أتى سمرقند وهي خراب فأمر ببنائها وأقام عليها حتى فرغ منها وردها إلى أفضل مما كانت عليه من العمارة. ثم سار منها إلى فرغانة وركب من هناك المفاوز فسار فيها شهرا حتى أتى بلادا واسعة كثيرة المياه والكلأ فابتنى هناك مدينة عظيمة وأسكن فيها ثلاثين من أصحابه ممن لم يستطع السير معه إلى الصين وسماها التبت. فأهلها إلى اليوم لهم زي العرب ولباسهم ولهم فروسية وبأس شديد، قد قهروا جميع من حولهم من أجناس الأتراك.
وسار من هناك حتى ورد الصين [١٦٣ ب] فخرج إليه ملكها فحاربه فهزمه الأقرن وقتل خلقا من جنوده وأخرب مدينته وشن في أرضه الغارة، وطلب الملك حتى ظفر [به]«١» فقتله وغنم من أرضه غنائم لم يغنم مثلها أحد ممن كان قبله من الملوك. فيقال إن تلك «٢» المدينة التي سكنها هذا الملك خراب إلى اليوم. وفي ذلك يقول تبع بن الأقرن:
أنا تبّع ذو المجد من آل حمير ... ملكنا عباد الله في الزمن الخالي
فدانت لنا شرق البلاد وغربها ... وأبنا عليها خير أوب وأنفال
ملكناهم قسرا وسارت خيولنا ... إلى الهند بالفرسان حالا على حال
ومغرب شمس الله قد وطئت لنا ... قبائل خيل غير نكس وأعزال
وسوف تليها بعدنا خير أمة ... ذوو نجدة من خير دين وإفضال
يدينون دين الحق لا يسلمونه ... سجود ركوع في غدو وآصال
كرام ذوو فضل وعلم ورأفة ... فمن بين زهّاد كرام وأبدال
يقر جميع العالمين بفضلهم ... وليسوا عن الحرب العوان بأنكال