إليها فاستكنّوا فيها حتى ترتفع الشمس عنهم. وأما الوحش فإنها تلقط حصى هناك قد ألهمت معرفته، فتأخذ كل وحشية حصاة من ذلك الحصى بفيها وترفع رأسها إلى السماء فتظلها عند ذاك غمامة تحجب بينها وبين الشمس.
قال: فقصد جدي تلك الناحية فوجد الأمر على ما بلغه. قال: فلما بدأت الشمس في الطلوع بادرت الوحوش إلى ذلك الحصى فجعلته في أفواهها [١٧٠ ب] ورفعت رؤوسها إلى السماء فأظلتها الغمائم. قال: فحمل هو وأصحابه عليها يكدونها، فلما أدركها اللغوب ألقت ذلك الحصى من أفواهها، فأمر أصحابه بلقطه ليعرفه. ففعلوا وجاءوا به فعرفه وتتبعه هو وأصحابه في تلك البرية فأخذوه وشالوه حيال الشمس فأظلهم الغمام ونجوا من وقع الشمس وحرها.
ثم جمعوا منه ما قدروا عليه وحملوه إلى بلادهم. فهم إذا سافروا وأرادوا المطر [حركوا منه شيئا يسيرا فينشأ الغيم فيوافي المطر]«١» وان هم أرادوا الثلج والبرد زادوا فيه فيوافي الثلج والبرد.
ويقال إنهم إذا أومأوا إلى جهة من الجهات، مطرت تلك الجهة وأبردت.
فهذه قصتهم وليس هذه من حيلتهم ولا قدرتهم ولكنها من قدرة الله تعالى.
قال أبو العباس: ثم وردت مدينة الشاش واجتمع إليّ قوم من أهلها لهم افهام ومعرفة وعلم بأحوال الترك فسألتهم فقالوا عندنا من جملة الأمر ما عندك.
فأما التفسير الذي ذكر بالقيق فهو أعرف به إذ كان يخرج الحديث عن آبائه.
فقال: ولقيت هناك شيخا من الكتاب القدماء يقال له حبيب بن عيسى وكان قد اجتمع اخبار وقائع نوح بن أسد وحروبه مع الترك، وفهم أمور ذلك الصقع، فأخرج إليّ نسخة كتاب من عبد الله بن طاهر إلى نوح بن أسد، وفي آخره «٢» نسخة كتاب المأمون إليه يأمره بالمسألة والبحث عما يتكلم به الترك في الاستمطار. قال