وكّلهم سليمان بحفظ شياطين محبّسين في هذه الناحية من الجنّ ومن عجائبهم العدار وهو شيطان يتعرّض للنساء والرجال منهم، وله أير كالقرن صلابة فيجامعه في دبره فيموت من ساعته، وفي المثل: ألوط من عدار وباليمن قرية وبار وهي مسكن الجنّ، وهي أخصب بلاد الله وأنزهها، لا يقدر أحد على الدنو منها من الأنس، وقال أبو المنذر: وبار ما بين نجران وحضرموت، وزعمت العرب أن الله حين أهلك عادا وثمودا أن الجنّ سكنت في منازل وبار وحمتها من كلّ من أرادها، وأنها أخصب بلاد الله، وأكثرها شجرا، وأطيبها تمرا ونخلا وعنبا وموزا، فإن دنا اليوم من تلك البلاد إنسان متعمّدا أو غالطا حثوا في وجهه التراب، فإن أبي إلّا الدخول خبّلوه، وربّما قتلوه، وزعموا أن الغالب على تلك البلاد الجنّ والإبل الحوشيّة- والحوش من الإبل عندهم التي قد ضرب فيها فحول إبل الجنّ وهي من نسل إبل الجنّ- والهنديّة، والمهريّة، والعسجديّة، والعمانيّة، هذه كلّها قد ضرب فيها الحوش قال ذو الرّمّة:
جرت رذايا من بلاد الحوش
قال بعضهم: قدمنا البحرين فلحقنا أعرابيّ على ناقة له صغيرة قد أكل الجرب جنبها ومعنا إبل لم ير الناس مثلها فقلنا: يا أعرابيّ أتبيع ناقتك ببعض هذه الإبل؟ قال: والله لو أعطيتموني بها جميع إبلكم كلّها ما بعتكم. قلنا: فلك مائة دينار، فأبى، فقلنا: ألف دينار، فأبى، ونحن في كلّ ذلك نهزأ به فقال: لو ملأتم جلدها ذهبا ما بعتكم. قلنا: فأرنا من سيرها شيئا. قال: نعم، فسرنا فإذا نحن بحمير وحش قد عنّت فقال: أي الحمير تريدون أعرضه لكم؟ فقلنا: نريد عير كذا؟ فغمزها ثم زجرها فمرّت ما يرى منها شيء حتى لحقت الحمير ثم تناول قوسه فرمى فلم يخط الحمار، فلم يزل يرشقه حتى صرعه ولحقناه وقد ذبحه، فلمّا رأينا ذلك ساومناه بجدّ فقال: ليس عندي من نسلها إلّا ابن لها وابنة ولا والله لا أبيعها أبدا بشيء.
وبأرض وبار النّسناس «١» ويقال: إن لهم نصف رأس وعين واحدة ويصادون