للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأولين والآخرين. وهؤلاء ظنوا أن زيارة قبر الميت مطلقًا هو من باب الإكرام والتعظيم له والرسول أحق بالإكرام والتعظيم من كل أحد.

وظنوا أن ترك الزيارة له فيه تنقيص لكرامته، فغلطوا وخالفوا السنة وإجماع الأئمة سلفها وخلفها.

فقولهم نظير قول من يقول: إذا كانت زيارة القبور يصل الزائر فيها إلى قبر المزور، فإن ذلك أبلغ في الدعاء له فالرسول أولى أن نصل إلى قبره إذا زرناه. وقد ثبت بالتواتر وإجماع الأمة أن الرسول لا يشرع الوصول إلى قبره لا للدعاء له ولا لدعائه، ولا لغير ذلك.

بل غيره من الناس يصلَّى على قبره عند أكثر السلف كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة، والصلاة على القبر - كالصلاة على الجنازة - تشرع مع القرب والمشاهدة.

أما للنبي فالإجماع لا يصلى على قبره سواء كان للصلاة حد محدود أو كان يصلى على القبر مطلقًا.

ولم يعرف عن أحد من الصحابة الغائبين لما قدم صلَّى على قبره .

وزيارة القبور المشروعة هي مشروعة مع الوصول إلى القبر بمشاهدته وهذه الزيارة غير مشروعة في حقه بالنص والإجماع، ولا هي أيضًا ممكنة فقبر النبي خص بالمنع شرعًا وحسًّا، فقد دفن في الحجرة ومنع الناس من زيارة قبره من داخل الحجرة كما تزار سائر القبور فيصل الزائر إلى عند القبر، وقبر النبي ليس كذلك، فلا تستحب هذه الزيارة في حقه ولا تمكن وهذا لعلو قدره وشرفه لا لكون أن غيره أفضل منه، فإن هذا لا يقوله أحد من المسلمين فضلًا عن الصحابة والتابعين وعلماء المسلمين بالمدينة وغيرها.

وبهذا يتبين غلط هؤلاء الذين قاسوه على عموم المؤمنين، وهذا من باب القياس الفاسد.

ومن قاس قياس الأولى ولم يعلم ما اختص به كل واحد من

<<  <   >  >>