للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها لكن بعض الناس يزوره ثم لتعظيمه في القلوب وعلم الخلق بأنه أفضل الرسل وأعظمهم جاهًا وأنه أوجه الشفعاء إلى ربه، يدعو النفس إلى أن تطلب منه حاجاتها وأعراضها وتعرض عن حقه الذي هو له من الصلاة والسلام عليه والدعاء له.

فإن الناس مع ربهم كذلك إلا من أنعم الله عليه بحقيقة الإيمان، إنما يعظمون الله عند ضرورتهم إليه كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ﴾ [يونس: ١٢].

وقال تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: ٦٧].

وقال تعالى: ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ﴾ [الزمر: ٨] ونظائر هذا في القرآن متعددة.

فإذا كانوا إلا ما شاء الله، إنما يعظمون ربهم ويوحدونه ويذكرونه عند ضرورتهم لأغراضهم ولا يعرفون حقه إذا خلصهم فلا يحبونه ويعبدونه ولا يشكرونه ولا يقومون بطاعته فكيف يكونون مع المخلوق؟

فهم يطلبون من الأنبياء والصالحين أغراضهم وذلك مقدم عندهم على حقوق الأنبياء والصالحين فإذا أيقنوا أن في زيارة قبر نبي أو صالح تحصيل أغراضهم بسؤاله ودعائه وجاهه وشفاعته أعرضوا عن حقه واشتغلوا بأغراضهم كما هو الموجود في عامة الذين يحجون إلى القبور المعظمة ويفصدونها لطلب الحوائج.

فلو أذن الرسول لهم في زيارة قبره ومكَّنهم من ذلك لأعرضوا عن:

١ - حق الله الذي يستحقه من عبادته.

٢ - وعن حق الرسول الذي يستحقه من الصلاة والسلام عليه

<<  <   >  >>