للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجوه ولا قبر في مكان كبير يسع الزوار، ولا جعل للمكان شباك يرى منه القبر بل منع الناس من الوصول إليه والمشاهدة له.

ومن أعظم ما منَّ الله به على رسوله وعلى أمته واستجاب فيه دعاءه أن دفن في بيته بجانب مسجده.

فلا يقدر أحد أن يصل إلا إلى المسجد والعبادة المشروعة في المسجد معروفة بخلاف ما لو كان القبر منفردا عن المسجد.

والمسافر إليه إنما يسافر إلى المسجد وإذا سمِّي هذا زيارة لقبره فهو اسم لا مسمى له إنما هو إتيان إلى مسجده، ولهذا لم يطلق السلف هذا اللفظ" (١)

فالزيارة المعهودة من القبور ممتنعة فيه قبره فليست من العمل المقدور ولا المأمور، فامتنع أن يكون أحد من العلماء يقصد بزيارة قبره هذه الزيارة، وإنما أرادوا السفر إلى مسجده والصلاة والسلام عليه والثناء عليه هناك لكن سموا هذا زيارة لقبره كما اعتادوه، ولو سلكوا مسلك التحقيق الذي سلكه الصحابة ومن اتبعهم لم يسموا هذا زيارة لقبره وإنما هو زيارة لمسجده وصلاة وسلام عليه ودعاء له وثناء عليه في مسجده سواء كان هناك القبر أو لم يكن (٢).

فمجرد زيارة قبره كالزيارة المعروفة للقبور غير مشروعة ولا ممكنة ولو كان في زيارة قبره عبادة زائدة للأمة لفتح باب الحجرة ومكنوا من فعل تلك العبادة عند قبره، وهم لم يمكنوا إلا من الدخول إلى مسجده (٣)

والله سبحانه قد فرَّق بين قبر رسوله وقبر غيره فإنهم دفنوه بالحجرة ولم يبرزوا قبره كما كانوا يزورون قبورهم خوفا أن يتخذ مسجدا.


(١) الرد على الأخنائي (ص ١٥١ - ١٦٠) (بتصرف).
(٢) الصارم المنكي (ص ٨٥، ٨٦).
(٣) الصارم المنكي (ص ١١٢).

<<  <   >  >>