واعلم أنه يجوز تقديم المفعول على الفاعل إذا أمن اللبس، كقولك: أكل الطعامَ زيدٌ، وشربَ الماءَ عمروٌ، وفي القرآن:} ولَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذرُ { (٧١) .
فإن خيف اللبس لم يكن الفاعل إلا المقدم، نحو: ضرب موسى عيسى، وشتم هذا هذا (٧٢) ، وإذا تقدم الفعل على الاسم فلا يجوز أن يثنى ولا أن يجمع، قال الله تعالى:
} قَالَ رَجُلان { (٧٣) وقال:} قَدْ أفْلَحَ المُؤْمِنُونَ { (٧٤) ، وأما إذا تأخر جاز أن يثنى ضميره ويجمع، نحو: الزيدان قاما، والزيدون قاموا.
وأما قوله تعالى:} وأسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِيْنَ ظَلَمُوا { (٧٥) ففيه تقديم وتأخير، كأنه قال: الذين ظلموا أسروا النجوى (٧٦) .
النوع الثاني: مرفوع لما لم يسم فاعله نحو قولك: ضُِربَ زيدٌ، وسِيْقَ البعيرُ، يريد أن ضارباً ضرب زيداً وسائقاً ساق البعير، ولكنك لم تذكر اسمه.
واعلم أن الفعل على قسمين: لازم ومتعدٍّ (٧٧) ، فاللازم: ما يلزم نفس الفاعل ولا يتعدى عنه إلى غيره، نحو: قام وغضب، وجاء، وذهب، فإذا لم تسمِّ الفاعل ضممت أول هذه الأفعال وكسرت ما قبل آخرها، فتقول: ذُهِبَ بزيد} وجِيْءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ { (٧٨) ونحو ذلك.
وأما المتعدي: فمنه ما يتعدى إلى مفعول واحد، نحو: ضرب زيدٌ عمراً، فإذا لم يسم الفاعل قلت: ضُِربَ عمروٌ وحذفت زيداً وأقمت عمراً مقامه.
ومنه ما يتعدى إلى مفعولين، نحو: ظننت زيداً عالماً، وأعطيت زيداً درهماً، ونحو ذلك.
فإذا لم تسم الفاعل قلت: ظُنَّ زيدٌ عالماً. وأعْطِيَ زيدٌ درهماً، ومنه ما يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل، كقولك: أعْلَمَ اللهُ زيداً عمراً أخاكَ، فإذا لم تسم الفاعل قلت: أعْلِمَ زيدٌ عمراً أخاكَ، فأقمت المفعول الأول مقام الفاعل.
النوع الثالث: مرفوع بالابتداء نحو: زيد قائم، فزيد رفع بالابتداء، وقائم رفع بخبر الابتداء (٧٩) ، والابتداء عامل معنوي لا لفظي.