أستاد النحو والصرف المساعد في قسم اللغة العربية - كلية التربية
للبنات بالرياض
ملخص البحث
يبحث موضوع الدراسة في حقيقة التداخل في اللغات العربية القديمة، وهو موضوع نحوي، صرفي، لغوي، يعني أن يأخذ متكلم بلغة ما من لغة غيره فينطق باللغتين معاً وله صور منها: التداخل في كلمتين بحيث يؤخذ الماضي من لغة والمضارع من لغة أخرى نحو: رَكَنَ يَرْكَن.
وفي ذلك لغتان هما: ركَن يَرْكُن كنَصرَ ينصرُ
وركِن يركَن كعَلِم يَعْلَم
فتداخلت اللغتان فتركب لغة ثالثة هي: ركَن يَرْكَن بالفتح فيهما. ومن صوره التداخل في كلمة واحدة نحو: “ الحٍبُك ” بكسر فضم.
وفيها لغتان فصيحتان هما: الحُبُك: بضمتين، وبها قراءة الجمهور، والحِبِك بكسرتين.
تداخلت اللغتان فتركبت لغة ثالثة قرأ بها بعض القراء هي (الحِبَك) بكسر فضم.
وقد اختلف العلماء في حكم التداخل: فمنهم من أجازه بلا قيد أو شرط، ومنهم من قيَّده فاشترط عدم استعمال لفظ مهمل البناء.
ومنهم من منعه، حمل ما جاء منه على الشذوذ، والرأي الأخير ضعيف لوجود الظاهرة في القرآن الكريم في بعض القراءات، وفي كلام العرب شعره ونثره.
• • •
مقدمة:
إنّ الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فهو المهتدي ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلاّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنّ محمداً عبدُه ورسولُه، أمّا بعد.
فممّا لا شكَّ فيه ترابطُ علومِ اللغةِ العربيةِ، ودورانُها في محيطٍ واحدٍ، وانبثاقُها من مصدرٍ فَرْدٍ أصيلٍ، وافتقارُ كلِّ فَرْعٍ منها إلى الآخرِ، فقلّما تجدُ موضوعاً نحوياً إلاّ واللغةُ في آخرِه، أو لغوياً إلا ومسائلُ التصريفِ في ثناياه، تَعْضُدُه وتُقِيمُ أمرَه.