إن دراسة السيرة النبوية لأسباب بلاغية وأدبية أمر لا نكاد نجد له أثرا كبيرا في دراسات السابقين، وهذا الحكم لا يكاد يستثنى منه أحد، إلا أن يكون الإمام أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي الحسن الخثعمي، السهيلي، صاحب كتاب:(الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية لابن هشام) ، فإن كتابه قد احتوى نكاتا بلاغية، وقضايا أدبية، ونقدية، وهي جديرة بالتدوين، لأن السهيلي من علماء الأندلس، والمغاربة عموما لهم منهجهم ومذاقهم الأدبي والبلاغي الذي يختلف عن المشارقة إلى حد ما، وفي الكتاب مادة لغوية وأدبية وبلاغية لا يستهان بها، كما أن السهيلي صاحب حاسة فنية رفيعة، وهو يميل إلى تذوق النصوص وتحليلها خلال شرحه.
ولذلك قمت بجمع تلك المادة العلمية المتعلقة بالبلاغة والنقد لدراستها في هذا البحث، وجعلته مكونا من تمهيد وخمسة مباحث وخاتمة.
استعرضت في التمهيد حياة السهيلي ومنهجه في كتابه الروض الأنف، وعرضت في المباحث الثلاثة الأولى للمسائل المتعلقة بعلم المعاني والبيان والبديع، ثم تناولت في المبحث الرابع طرفا من حديثه عن البلاغة القرآنية وإعجاز القرآن، والبيان النبوي، وخصصت المبحث الخامس لذكر بعض القضايا النقدية التي عرض لها السهيلي، وخلصت في الخاتمة إلى أن السهيلي بذل جهدا في الجانب البلاغي في شرحه لسيرة ابن هشام، ولكنه ابتعد إلى حد كبير عن المصطلحات البلاغية المتشعبة، وهو يمتلك حس الناقد ومقوماته، وله اعتداد بشخصيته العلمية، وفي شرحه للسيرة ذخر علمي وأدبي وبلاغي، لذلك أرى أنه بحاجة إلى التحقيق العلمي وإخراجه من جديد.