.. فالصلاة الواجبة عندما أمر الله بها أبان الحكمة من إقامتها فقال:{وأقِم الصَّلاةَ إنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ.}(١) . فالابعاد عن الرذائل والتطهير من سوء القول والعمل هو حقبقة الصلاة..والزكاة المفروضة ليست ضريبة تؤخذ من الجيوب، بل هي أولاً، غرس لمشاعر الحنان والرأفة، وتوطيد لعلاقات التعارف والألفة بين شتى الطبقات قال تعالى {خًذْ مِنْ أموالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِرهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}(٢) ، وكذلك شرع الإسلام الصَّوم فلم ينظر إليه على أنه حرمان مؤقت من الأطعمة والأشربة، بل اعتبره خطوة لتعويد النفس على التخلص من شهواتها المحظورة ونزواتها المنكورة، ويذكرنا القرءان بثمرة الصوم بقوله {كُتِبَ عليكُمُ الصِّيامُ كما كُتُبَ على الذين من قبلِكُمْ لعلَّكُمْ تتَّقون}(٣) ، وقد يحسبُ الانسان أنَّ السفرَ إلى البقاع المقدَّسةِ للحجِّ أو العمرةِ رحلة مجردة من المعاني الخلقيَّةِ، وهذا خطأٌ لأنَّ الله تعالى قال {الحجُّ أشهُرٌ معلوماتٌ، فَمَنْ فَرَضَ فيهِنَّ الحجَّ فَلا رَفَثَ، وَلا فُسُوقَ، ولاجِدالَ في الحَجِّ وما تفعلوا من خيرٍ يعلمهُ اللهُ، وتزودوا فإنَّ خيرَ الزادِ التَّقْوَى واتَّقُونِ يآأولي الأَلْبَاب}(٤) .
... بهذا العرض المُجمَلِ لبعض العبادات التي اشتهر بها الإسلام وعُرِفت على أنها أركانه الأصلية نستبين منه متانة الأوامر التي تربط الدين بالخُلُقِ إنها عبادات مُتباينة في مظهرها، ولكنها تلتقي عند الغاية التي رسمها الرسول (في قوله: ((إنَّما بُعِثتُ لأُتممَ مكارمَ الأخلاق)) (٥) ، فالصلاة والصيام والزكاة والحجّ، وما أشبه هذه الطاعات من تعاليم الإسلام هي المدارج للكمال المنشود، فإذا لم يستفد المرء منها مايزكي قلبه وينقي لُبَّه، ويهذب صلته باللهِ وبالناسٍ، فقد هوى (٦) .