المبحث الأول: تعريف المهمل والفرق بينه وبين المبهم
تعريف المهمل:
المهمل هو: من لم يتميز عن غيره. سواءً ذُكر باسمه أو كنيته أو لقبه، وذلك لوجود من يشاركه في هذا الاسم أو الكنية أو اللقب.
فإن كان لا يشترك معه غيره في أحد هذه الأمور فحينئذ لا يعتبر مهملاً.
ومثاله: أن الإمام البخاري – رحمه الله – له أكثر من شيخ اسمه إسحاق، ونجده في بعض الأحيان يقول: حدثنا إسحاق ولا ينسبه. فهنا نقول إن إسحاق ورد مهملاً.
وكما لو وجدنا إسناداً ورد فيه ذكر سفيان غير منسوب، فهنا لا ندري هل المراد به الثوري أو ابن عيينة (١) ، أو ورد فيه حماد غير منسوب، فلا ندري هل هو ابن سلمة أو ابن زيد، وهكذا.
ومن أبرز من عُرف من المتقدمين اعتناؤه بهذا النوع من علم الرجال الإمام الحافظ الخطيب البغدادي (ت ٤٦٣٩هـ) وأبو علي الجياني الأندلسي (ت٤٩٨هـ) .
فالأول ألف في بيان المهملين من الرواة عموماً كتاباً عُرف باسم: "المكمل في بيان المهمل" (٢) .
ولكن للأسف فهذا الكتاب يعتبر حتى الآن في عداد الكتب المفقودة (٣) .
والثاني ألف في بيان المهملين في أسانيد صحيح البخاري بخصوصه، وذلك في باب مستقل في كتابه الماتع: «تقييد المهمل وتمييز المشكل» (٤) .
وعلى هذين المؤلفين عوّل من جاء بعدهما، مع الإضافة أو التعقيب، كما يُعرف من مراجعة المؤلفات المتأخرة عنهما في الرجال أو الشروح الحديثية.
تعريف المبهم:
المبهم هو: من لم يتعين اسمه.
كأن يقول أحد الرواة: حدثني رجل. أو: حدثني صاحب لي. أو نحو ذلك.
ومنه يتبين الفرق واضحاً بين المهمل والمبهم.
فالمهمل ذُكر اسمه لكنه التبس مع غيره، وأما المبهم فلم يُذكر اسمه أصلاً.
وقد ألف في المبهمات غير واحد من العلماء.