ومثاله: أن يكون الثوري يروي عن شيخ لا يروي عنه ابن عيينة، فهذا أمره واضح بين أيضاً. ومنه يتبين أيضاً أهمية محاولة استيعاب شيوخ الرواة المهملين.
٣- عن طريق النظر في علاقة الرواة عن هذا الراوي المهمل، ويتضمن ذلك عدة أمور:
أ – فقد يكون التلميذ مختصاً بأحد الراويين المهملين دون الآخر، كأن يكون من المكثرين عنه، أو يكون راويته أو مشهوراً بصحبته، أو نحو ذلك، فهذا إذا أطلق اسم شيخه مهملاً حُمل على من كان مكثراً عنه، أو ممن كان معدوداً في أصحابه.
وهذه قاعدة معروفة عند العلماء، وعمل بها عدد من الأئمة:
قال الرامهرمزي: سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، رويا جميعاً عن الأعمش وغيره، وروى عنهما الوليد بن مسلم وغيره. وحضرت القاسم المطرز، فحدثنا عن أبي همام أو غيره، عن الوليد، عن سفيان حديثاً. فقال له أبو طالب بن نصر: من سفيان هذا؟. فقال المطرز: هذا الثوري. فقال له أبو طالب: بل هو ابن عيينة. قال من أين قلت؟. قال: لأن الوليد روى عن الثوري أحاديث معدودة محفوظة، وهو مليء بابن عيينة، وسفيان الثوري أكبر وأقدم وابن عيينة أسند (١) .
وقد سئل المزي فيما إذا ورد حديث لعبد الرزاق عن سفيان عن الأعمش، أي السفيانين هو؟ وإن كان أكثر روايته عن الثوري، فهل يُكتفى بذلك، أم يحتاج إلى زيادة بيان؟ .
فأجاب بقوله: أما سفيان الذي روى عنه عبد الرزاق، فهو الثوري؛ لأنه أخص به من ابن عيينة، ولأنه إذا روى عن ابن عيينة ينسبه، وإذا روى عن الثوري فتارة ينسبه وتارة لا ينسبه، وحين لا ينسبه إما يكتفي بكونه روى له عن شيخ لم يرو عنه ابن عيينة، فيكتفي بذلك تمييزاً، وهو الأكثر، وإما يكتفي بشهرته واختصاصه به.
وهذه القاعدة جارية في غالب من يروي عن سميَّين أو يروي عنه سميّان (٢) .