وقال الذهبي: ويقع هذا الاشتراك سواء في السفيانين، فأصحاب سفيان الثوري كبار قدماء، وأصحاب ابن عيينة صغار لم يدركوا الثوري، وذلك أبين، فمتى رأيت القديم قد روى، فقال: حدثنا سفيان، وأبهم، فهو الثوري، وهم: كوكيع وابن مهدي، والفريابي، وأبي نعيم. فإن روى واحد منهم عن ابن عيينة بينه، فأما الذي لم يلحق الثوري، وأدرك ابن عيينة فلا يحتاج أن ينسبه لعدم الالتباس، فعليك بمعرفة طبقات الناس (١) .
٦- عن طريق النظر في كيفية تحديث الراوي المهمل عن شيخه.
ويتضمن هذا عدة صور:
أ – فقد يكون من عادة الراوي المهمل استخدام صيغة واحدة من صيغ التحديث، لا يستعمل غيرها.
وقد عُرف عن بعض الرواة أنهم يقتصرون على صيغة واحدة فقط، فلو وجدنا أحد المهملين ذكر صيغة أخرى لترجح أنه غير الأول، وهكذا.
ففي الحمادين مثلاً، عُرف أن من عادة حماد بن سلمة أنه يقول: أخبرنا، ولا يقول: حدثنا.
فلو وجدنا رواية لحماد مهملاً، وكانت صيغة التحديث:«حدثنا» ولم نجد مرجحات أخرى، لترجح أن حماد هو ابن زيد لأن ابن سلمة لا يقول هذه الصيغة في الغالب.
وقد كانت هذه عادة عدد من الأئمة، أنهم كانوا يقولون: أخبرنا، ولا يقولون: حدثنا.
قال الخطيب: وكان حماد بن سلمة، وهشيم بن بشير، وعبد الله بن المبارك، وعبد الرزاق بن همام، ويزيد بن هارون ويحيى بن يحيى النيسابوري، وإسحاق بن راهويه، وعمرو بن عون، وأبو مسعود أحمد بن الفرات، ومحمد بن أيوب بن يحيى بن الضريس، يقولون في غالب حديثهم الذي يروونه:«أخبرنا» ، ولا يكادون يقولون:«حدثنا»(٢) .
وقال نعيم بن حماد: ما رأيت ابن المبارك يقول قط: «حدثنا» ، كأنه يرى «أخبرنا» أوسع (٣) . وقال أبو حاتم: لم أسمع عبيد الله بن موسى يقول: «حدثنا» ، كان يقول:«أخبرنا»(٤) .
ولذا فقد طبق هذه القاعدة الحافظ ابن حجر على كثير من الرواة المهملين.