للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً: بإجماع السلف على تفسير المعية العامة بمعية العلم، لايبقى حجة لمدع بوجود تعارض بين آيات المعية وآيات العلو، وقد خصصت مطلباً أوردت فيه عدداً من النقول عن العلماء جاء فيها الجمع بين إثبات العلو وإثبات المعية موافقة لما نصت عليه إحدى آيات المعية، وهي الآية الرابعة من سورة الحديد.

رابعاً: إن القول بمعية الذات لم يقم عليه دليل من كتاب ولا سنة ولم يقل به أحد من السلف، وأول من عرف عنه القول بذلك هم الجهمية والمعتزلة، وعنهم أخذ المتأخرون من الأشاعرة هذا القول، ومن أراد أن يعرف مصداق هذا فعليه بمطالعة كتاب الرد على بشر المريسي للدارمي المتوفى سنة ثمانين ومأتين، الذي ذكر هذا القول عن بشر وشيوخه، حيث قال: ((وزعمت أنت والمضلون من زعمائك أنه في كل مكان ... )) انظر الرد على بشر المريسي ضمن عقائد السلف ص (٤٥٤) وقد كان ذلك قبل أن تظهر الأشعرية والماتريدية.

خامساً: إن ماينادي به متأخرو الأشاعرة من القول بأن الله في كل مكان واحتجاجهم على ذلك بآيات المعية، يناقض ما كان عليه أوائل الأشاعرة، والذين تقدم ذكر بعض أقوالهم وإقرارهم بعلو الله وتفسيرهم لنصوص المعية بما عليه قول أهل السنة، وردهم لزعم من قال بأن الله في كل مكان (١) .

سادساً: إن استدلال هؤلاء المعطلة بنصوص المعية على زعمهم الباطل، لا يتفق مع أصلهم الذي أصلوه في هذا الباب وهو عدم احتجاجهم بنصوص القرآن والسنة، واعتمادهم على عقولهم، وصنيعهم هنا يصدق عليه قول شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: ((وكثير ممن يكون قد وضع دينه برأيه وذوقه يحتج من القرآن بما يتأوله على غير تأويله، ويجعل ذلك حجة لاعمدة، وعمدته في الباطن على رأيه كالجهمية والمعتزلة في الصفات والأفعال..)) النبوات ص [١٢٩]


(١) كأمثال أبي الحسن الأشعري وعلي بن مهدي الطبري والباقلاني والبيهقي وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>