للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى الرضا مفهوم معلوم، وكيفيته مجهولة، والإيمان برضا الله واجب على ما يليق به - سبحانه وتعالى -.

قال الإمام الطبري في تفسيره: {واختلف في معنى الرضا من الله - جلّ وعزّ -، فقال بعضهم:الرضا منه بالشيء: القبول له والمدح والثناء.

قالوا: فهو قابل الإيمان، ومزك له، ومثن على المؤمن بالإيمان، وواصف الإيمان بأنه نور وهدى وفضل.

وقال آخرون: معنى الرضا من الله - جلّ وعز - معنى مفهوم، هو خلاف السخط، وهو صفة من صفاته على ما يعقل من معاني الرضا، الذي هو خلاف السخط، وليس ذلك بالمدح؛ لأن المدح والثناء قول، وإنَّما يثنى ويمدح ما قدر رُضِي.

قالوا: {فالرضا معنى، والثناء والمدح معنى ليس به} (١) .

والصحيح القول الثاني؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - عظيم، ومهما تخيل العبد من معاني العظمة فالله أعظم مِمَّا قد يتخيل، وكذلك صفته، ولو تخيل الإنسان عظمة صفات الله، فصفاته - سبحانه - أعظم مِمَّا قد يتخيل وكمالها أكبر مِمَّا قد يتخيل من الكمال، فله الكمال المطلق، وصفاته كمال مطلق - سبحانه وتعالى -.

قال ابن تيمية - رحمه الله -: {من تصور شيئاً اعتقد أنه حقيقة الرب فالله بخلاف ذلك} (٢) .

والله أعلم بحقيقة رضاه سبحانه، بل بحقيقة كل صفاته؛ لأن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، فإذا كان معلوماً أن إثبات رب العالمين - سبحانه وتعالى - إنَّما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف، فكذلك إثبات صفاته إنَّما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد ولا تكييف؛ وهو إثبات على الحقيقة.

فالرضا صفته - سبحانه - معلوم معناها، نثبتها على مراده - سبحانه - على الحقيقة، ولانعلم لأحد ممن تقدم أو تأخر أنه يتكلف أو يقصد إلى قول من عنده في صفة الرضا، أو غيرها من الصفات، أو في تفسير كتاب الله، أو معاني حديث رسول الله - (-، أو زيادة على ما في النص أو نقصان منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>