فإن السنة النبوية كانت ولا تزال محل اهتمام العلماء وطلبة العلم، ولا غرو في ذلك فهي صادرة عن الرسول الأمين الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ومصدر ثانٍ لتشريع الأحكام بعد كتاب الله عزوجل، وهي التي تبين مجمله وتخصص عامه وتقيد مطلقه. وقد برز هذا الاهتمام في حرص المسلمين عامة وعلمائهم خاصة على حفظها في الصدور وكتابتها في السطور وتلقيها خلفا عن سلف بالنقل الأمين والرواية الموثوقة والسند المتصل الذي هو من خصائص الأمة المحمدية، وذلك لتمييز الصحيح من الضعيف والثابت من الموضوع خوفا من الوقوع في الكذب المقرون بالوعيد وتثبتا من نسبة قول أو فعل أو إقرار على أمر إلى رسول الله ش.
ونظرا لما تقدم، فإني أحاول هنا أن أتشبه بذلك السلف تشبه المقل بالمكثرين الأثرياء، والضعيف بالأقوياء، وذلك بالبحث في موضوع من مواضيع السنة المطهرة وهو "الأحاديث والآثار الواردة في التسليم في الصلاة "دراسة حديثية نقدية.
وتشتمل خطة البحث على مقدمة تحوي مبحثين وثلاثة فصول وخاتمة وفيها خلاصة البحث ونتائجه.
المبحث الأول: سبب اختيار الموضوع
يرجع سبب اختياري لهذا الموضوع لعدة أسباب، أهمها: أن هذا الموضوع لم أجد مَن بَحَثَهُ وخصه بالكتابة فيه على أهميته، وهو من المسائل التي تعارضت فيها الأحاديث وحصل فيها الخلاف، وقد حاولت بحث كل الأحاديث التي استدل بها كل فريق، وأُبَيِّن الراجح منها، بناء على قواعد الجرح والتعديل، والهدف من ذلك هو الوصول إلى الحق إن شاء الله.
المبحث الثاني: بيان منهجي في البحث
أسوق الحديث أوالأحاديث الواردة في كل فصل، وأتتبع جميع الطرق، وأذكر درجة كل طريق بمفرده، فإذا كان الحديث مخرَّجا في جامع الترمذي مثلا أتكلم على رجاله وأبين درجته من خلال الإسناد، وهكذا إلى آخر البحث.