وأما عقيدة أهل التمثيل: فهي تقوم على دعواهم أن الله (لا يخاطبنا إلا بما نعقل، فإذا أخبرنا عن اليد فنحن لا نعقل إلا هذه اليد الجارحة، فشبهوا صفات الخالق بصفات المخلوقين، فقالوا: له يد كأيدينا ونحو ذلك، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
وأما العارفون به، المصدقون لرسله، المقرون بكماله فهم يثبتون لله جميع صفاته، وينفون عنه مشابهة المخلوقات فيجمعون بين الإثبات ونفي التشبيه، وبين التنزيه وعدم التعطيل، فمذهبهم حسنة بين سيِّئتين، وهدى بين ضلالتين.
وأما الأساس الثالث: ففيه تمييز لعقيدة أهل السنة عن عقيدة المشبهة، فأهل السنة يفوضون علم كيفية اتصاف الباري (بتلك الصفات إلى الله (، فلا علم للبشر بكيفية ذات الله تبارك وتعالى ولا تفسير كنه شيء من صفات ربنا تعالى كأن يقال استوى على هيئة كذا، فكل من تجرأ على شيء من ذلك فقوله من الغلو في الدين والافتراء على الله (واعتقاد ما لم يأذن به الله ولا يليق بجلاله وعظمته ولم ينطق به كتاب ولا سنة، ولو كان ذلك مطلوبا من العباد في الشريعة لَبَيَّنه الله تعالى ورسوله (فهو لم يدع ما بالمسلمين إليه حاجة إلا بيَّنه ووضحه، والعباد لا يعلمون عن الله تعالى إلا ما علمهم كما قال تعالى {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيء من علمه إلا بما شاء}[البقرة ٢٢٥] فليؤمن العبد بما علَّمه الله تعالى وليقف معه، وليمسك عما جهله وليكل معناه إلى عالمه (١) .
وأما المشبهة فقد تعمقوا في شأن كيفيات صفات الله وتقولوا على الله بغير علم، حيث يقول أحدهم: له بصر كبصري ويد كيدي، وقدم كقدمي، تعالى الله عما يقولون علوا كبيراً.
المطلب الثاني: موقفهم من باب الأسماء.
يمكن إجمال معتقد أهل السنة في أسماء الله في النقاط التالية:
أولاً: الإيمان بثبوت الأسماء الحسنى الواردة في القرآن والسنة، من غير زيادة ولا نقصان.