وقال أبو سليمان الخطابي:((ومن علم هذا الباب -أعني الأسماء والصفات- ومما يدخل في أحكامه ويتعلق به من شرائط، أنه لا يتجاوز فيها التوقيف، ولا يستعمل فيها القياس فيلحق بالشيء نظيره في ظاهر وضع اللغة ومتعارض الكلام:
((فالجواد)) لا يجوز أن يقاس عليه السخي وإن كانا متقاربين في ظاهر الكلام، وذلك أن السخي لم يرد به التوقيف كما ورد بالجواد.
و ((القوي)) لا يقاس عليه الجلْدُ، وإن كانا يتقاربان في نعوت الآدميين لأن باب التجلد يدخله التكلف والاجتهاد.
ولا يقاس على ((القادر)) المطيق ولا المستطيع.
وفي أسمائه ((العليم)) ومن صفته العلم، فلا يجوز قياساً عليه أن يسمى عارفاً لما تقتضيه المعرفة من تقديم الأسباب التي بها يتوصل إلى علم الشيء وكذلك لا يوصف بالعاقل.
وهذا الباب يجب أن يراعى ولا يغفل، فإن عائدته عظيمة والجهل به ضار وبالله التوفيق)) (١) .
وقال السفاريني في منظومته:
لنا بذا أدلة وفية
لكنها في الحق توقيفية
ثم قال في شرحه:((لكنها -أي أسماء الله- في القول الحق المعتمد عند أهل الحق توقيفية بنص الشرع وورود السمع بها، ومما يجب أن يعلم أن علماء السنة اتفقوا على جواز إطلاق الأسماء الحسنى والصفات على البارئ جل وعلا إذا ورد بها الإذن من الشارع، وعلى امتناعه على ما ورد المنع عنه)) (٢) .
من خلال ما تقدم من نقول يتضح لك مدى تمسك علماء أهل السنة بالتوقيف في باب الأسماء الحسنى، ومنعهم لاستخدام القياس اللغوي والعقلي في هذا الباب.
وهذا هو القول الحق الذي تدل عليه النصوص الشرعية ومنها ما يلي:
أولاً: قوله تعالى {ولله الأسماء الحسنى}[الأعراف ١٨٠] . فهذه الآية تدل على أن الأسماء توقيفية من وجهين:
١ قوله {الأسماء} فهي هنا جاءت (بأل) وهي هنا للعهد، فالأسماء بذلك لا تكون إلا معهودة، ولا معروف في ذلك إلا ما نص عليه في الكتاب أو السنة (٣) .