للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما هو معلوم أن العبادات - ومنها الذكر - كلها توقيفية، أي: لا مجال فيها للاجتهاد، بل لابد من لزوم سنة النبي (وشريعته فيها، لأنها شرع من عند الله تعالى، فلا يجوز التقرب إلى الله بتشريع شيء لم يشرعه الله تعالى، وإلا كان هذا اعتداءً على حق الله تعالى في التشريع، ومنازعة لله تعالى في حكمه، وقد قال تعالى: {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} [الشورى: ٢١] .

قال السعدي في تفسير هذه الآية: ((.. {شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} من الشرك والبدع وتحريم ما أحل الله، وتحليل ما حرم الله، ونحو ذلك، مما اقتضته أهواؤهم مع أن الدين لا يكون إلا ما شرعه الله تعالى، ليدين به العباد ويتقربوا به إليه. فالأصل: الحجر على كل أحد أن يشرع شيئاً ما جاء عن الله ولا عن رسوله ... )) أهـ (٤) .

فلا ينبغي، بل ولا يجوز التقرب إلى الله تعالى إلا بما شرع، وبما بيَّن على لسان رسوله (. ومن هنا كان لازماً على المسلم أن يلزم السنة في كل عباداته، وألا يحيد عنها قيد أنملة، وإلا أحبط عمله وأبطله إذا كان مخالفاً هدي رسول الله (في العمل.

ولهذا فإن المسلم ينبغي له ألا يحدث في ذكره لله شيئاً مخالفاً لما كان عليه رسول الله (هو وأصحابه، وإلا كان مبتدعاً في الدين، محدثاً في العبادة ما ليس منها.

ومهما استحسن الإنسان بعقله شيئاً في العبادة، فإنه - أي الاستحسان - ليس دليلاً على مشروعية تلك العبادة، بل إن هذا الاستحسان قد يكون مصادماً لحكم الله تعالى، فلا ينبغي أبداً أن يتعبد الإنسان لله تعالى إلا بما شرع الله على لسان رسوله (.

المبحث الأول: تعريف الذكر الجماعي

الذكر الجماعي يتركب من كلمتين، وإليك بيان معنى كل منهما:

أولاً (الذِّكر) : بالكسر: الشيء الذي يجري على اللسان (٥) ، وتارة يقصد به الحفظ للشيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>