للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سادساً: أن الذكر على هذه الهيئة وسيلة، والغاية منها عبادة الله، والقاعدة تقول: أن الوسائل لها حكم الغايات والمقاصد (٥٤) ، وعبادة الله أمر مطلوب، وعليه فيكون الذكر الجماعي أمراً مطلوباً (٥٥) .

وأما جوابهم على أدلة المانعين من الذكر الجماعي، فإنهم يرون أن الآثار الواردة عن الصحابة في المنع من الذكر الجماعي، والإنكار على فاعليه، يرون أنها آثار معارضة بالأحاديث الكثيرة الثابتة المتقدمة، وهذه الأحاديث مقدمة على تلك الآثار عند التعارض. قال السيوطي: هذا الأثر عن ابن مسعود (٥٦) يحتاج إلى بيان سنده. ومن أخرجه من الأئمة الحفاظ في كتبهم؟ وعلى تقدير ثبوته فهو معارض بالأحاديث الكثيرة الثابتة المتقدمة وهي مقدمة عليه عند التعارض (٥٧) .

المبحث الرابع: حجج المانعين من الذكر الجماعي وأدلتهم

استدل المانعون من الذكر الجماعي بأدلة. منها:

أولاً: أن الذكر الجماعي لم يأمر به النبي (، ولا حث الناس عليه، ولو أمر به أو حث عليه لنُقل ذلك عنه عليه الصلاة والسلام. وكذلك لم يُنقل عنه الاجتماع للدعاء بعد الصلاة مع أصحابه.

قال الشاطبي: ((الدعاء بهيئة الاجتماع دائماً لم يكن من فعل رسول الله ()) (٥٨) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((لم ينقل أحد أن النبي (كان إذا صلى بالناس يدعو بعد الخروج من الصلاة هو والمأمومون جميعاً، لا في الفجر، ولا في العصر، ولا في غيرهما من الصلوات، بل قد ثبت عنه أنه كان يستقبل أصحابه ويذكر الله ويعلمهم ذكر الله عقيب الخروج من الصلاة)) (٥٩) .

ثانياً: فعل السلف من أصحاب النبي (والتابعين لهم بإحسان، فإنهم قد أنكروا على من فعل هذه البدعة، كما سيأتي ذلك في النصوص الآتية عن عمر وابن مسعود وخباب رضي الله عنهم، ولو لم يكونوا يعدون هذا العمل شيئاً مخالفاً للسنة ما أنكروا على فاعله، ولا اشتدوا في الإنكار عليه، فممَّن أنكر من الصحابة هذا العمل:

<<  <  ج: ص:  >  >>