للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وفيما يختص بدعاء الإنسان منفرداً من غير جماعة فإنه إذا كان إماماً أو مأموماً أو منفرداً فليس ثم مانع يمنعه من الدعاء إذا بدأ بالأذكار المسنونة والتسابيح المشروعة في أعقاب الصلوات، وقد دل على ذلك كتاب الله تعالى وسنَّة رسوله الكريم (وهدي السلف الصالح رضي الله عنهم. أما الدليل من الكتاب العزيز، فقول الله تعالى: {فإذا فرغت فانصب. وإلى ربك فارغب} [الشرح: ٧ - ٨] .

وقد ورد في الكلام على هاتين الآيتين، في إحدى الروايتين: فإذا فرغت من صلاتك، فانصب إلى ربك في الدعاء وسله حاجتك. نقل هذا ابن جرير الطبري (٩٢) في تفسيره وابن أبي حاتم (٩٣) ، والسمعاني (٩٤) ، والقرطبي (٩٥) ، وابن الجوزي (٩٦) ، وابن كثير (٩٧) ، والشوكاني (٩٨) ، والسعدي، وغيرهم من المفسرين.

قال السعدي رحمه الله في تفسير هاتين الآيتين: {فإذا فرغت فانصب} أي إذا تفرغت من أشغالك، ولم يبق في قلبك ما يعوقه فاجتهد في العبادة والدعاء. {وإلى ربك} وحده {فارغب} أي أعظم الرغبة في إجابة دعائك، وقبول دعواتك ولا تكن ممن إذا فرغوا لعبوا وأعرضوا عن ربهم وعن ذكره، فتكون من الخاسرين. وقد قيل: إن معنى هذا: فإذا فرغت من الصلاة، وأكملتها فانصب في الدعاء. {وإلى ربك فارغب} في سؤال مطالبك. واستدل من قال هذا القول على مشروعية الدعاء والذكر عقب الصلوات المكتوبات. والله أعلم (٩٩) . انتهى.

وأما من السنة، فعن أبي أمامة قال: قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال ((جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات)) . رواه الترمذي (١٠٠) وقال: هذا حديث حسن.

وقد جاءت بذلك فتاوى العلماء قديماً وحديثاً:

فمن القديم ما ذكره ابن مفلح قال: قال مهنا: سألت أبا عبد الله عن الرجل يجلس إلى القوم، فيدعو هذا، ويدعو هذا ويقولون له: ادع أنت. فقال: لا أدري ما هذا؟! أي: أنه استنكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>