للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء جماعة من اليهود فدخلوا على النبي- (- فقالوا: السام عليك يا محمد -يعنون الموت-، وليس مرادهم السلام – فسمعتهم عائشة –رضي الله عنها – قالت: عليكم السام واللعنة. وفي لفظ آخر: ولعنكم الله، وغضب عليكم. فقال رسول الله - (-: ((يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله)) قالت: ألم تسمع ما قالوا؟ قال: ((ألم تسمعي ما قلت لهم: وعليكم، وإنا نجاب عليهم، ولا يجابون علينا)) (١) .

فالنبي (رفق بهم وهم يهود،رغبة في هدايتهم، لعلهم ينقادون للحق، ويستجيبون لداعي الإيمان.

فالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر الموفق هو الذي يتحرى الرفق والعبارات المناسبة، والألفاظ الطيبة عندما يعظ وينصح الناس، في المجلس، أو في الطريق، أو في أي مكان، يدعوهم بالرفق والكلام الطيب، حتى ولو جادلوه في شيء خفي عليهم، أو كابروا فيه، فيجادلهم بالتي هي أحسن، كما قال تعالى: {اُدْعُ إِلَى سَبِيْلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةٍ وَالموعِظَةِ الحَسَنةٍ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ} (٢) .

وقال سبحانه: {وَلا تُجَادِلُواْ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالْتَّي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الْذَّيْنَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ} (٣) .

فهذا الأسلوب مع أهل الكتاب – وهم اليهود والنصارى وهم كفار – فما بالك مع المؤمنين؟ فإذا كان المقام مقام تعليم ودعوة وإيضاح للحق، فإنه يكون بالتي هي أحسن، لأن هذا هو أقرب إلى الخير، وأدعى لتقبل النصيحة كما كان يفعل النبي (في دعوته.

فهذه طريقة السلف رحمهم الله في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تحري الرفق مع العلم والحلم والبصيرة والعمل بما يدعون إليه، وترك ما ينهون عنه، وهذه هي القدوة الصالحة.

الخطوة الثانية: النهي بالوعظ والنصح والتخويف من الله تعالى:

وهذه الخطوة تتعلق غالباً في مرتكب المنكر العارف بحكمه في الشرع بخلاف الخطوة الأولى، فهي في الغالب تستعمل للجاهل في الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>