وقد سار خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد- (– على نهج إخوانه المرسلين – عليهم السلام – فقد بدأ بما بدأبه أنبياء الله، وانطلق من حيث انطلقوا، إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له وحده، قال تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلهِ رَبِّ العَالَمِينَ. لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المسلِمِينَ} (١) .
واستمر – (- ثلاث عشرة سنة في مكة، وهو يدعو الناس إلى التوحيد، وينهاهم عن الشرك، قبل أن يأمرهم بالصلاةوالزكاة والصوم والحج، وقبل أن ينهاهم عن الربا والزنا والسرقة وقتل النفوس بغير حق.
اللهم ما كان يأمر به قومه من معالي الأخلاق، كصلة الرحم، والصدق، والعفاف، وأداء الأمانة، وحسن الجوار ونحو ذلك، ولكن الأمر الأساسي، والمحور الأهم، إنما هو الدعوة إلى التوحيد، والتحذير من الشرك (٢) .
ولما بعث النبي – (– معاذاً إلى اليمن قال له: ((إنك تأتي قوماً أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تُؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم)) (٣)
قال الإمام ابن حجر –رحمه الله-: (وأما قول الخطابي إن ذكر الصدقة أُخر عن ذكر الصلاة لأنها إنما تجب على قوم دون قوم. وأنها لا تكرر تكرر الصلاة فهو حسن، وتمامه أن يقال بدأ بالأهم فالأهم، وذلك من التلطف في الخطاب، لأنه لو طالبهم بالجميع في أول مرة لم يأمن النفرة)(٤) .