للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن خلال ما تقدم من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، وأقوال العلماء الأجلاء يتبين لنا أن الشريعة الإسلامية جاءت باعتبار المصالح ودرء المفاسد، فلا يجوز تغيير المنكر بمنكر أشد منه، أو مثله، فعلى الدعاة إلى الله أن يتنبهوا إلى هذه القاعدة عند أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ولا يخفى أن هذا الباب مزلة أقدام، وكثيراً ما يقع فيه الاختلاف والاشتباه، وتختلط فيه النزعات الشخصية بالاجتهادات الفقهية، والمعصوم من عصمه الله عز وجل، ولا مخرج من هذه الفتن إلا بالتمسك بالكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم، ولزوم جماعة المسلمين وإمامهم، والأخذ بما يقرره أهل العلم الربانيون الموثوق بهم والاجتماع خير من الفرقة ٠

القاعدة السابعة: التثبت في الأمور وعدم العجلة:

على الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر، الداعي إلى الله تعالى التأكد من كل أمر والتثبت بشأنه، وعدم التسرع والعجلة، والحرص على الرفق والأناة بالناس وملاطفتهم حال أمرهم أو نهيهم، فإن في ذلك من الخير ما لا يحصى، وهو مما لا بد منه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي دعوة الناس إلى الخير ٠ قال تعالى: {لا تُحْرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} (١) ، والتبين والتثبت صفة من صفات أهل اليقين من المؤمنين، يقول الإمام الطبري – رحمه الله -: عند قوله تعالى: {قَدْ بَيَّنَّا الأيَاتِ لِقَوْمٍ يُوْقِنُونَ} (٢) وخص الله بذلك القوم الذين يوقنون، لأنهم أهل التثبت في الأمور، والطالبون معرفة حقائق الأشياء على يقين وصحة، فأخبر الله جل ثناؤه أنه بين لمن كانت هذه الصفة صفته ما بين من ذلك، ليزول شكه، ويعلم حقيقة الأمر) (٣) .

وقد ذم الإسلام الاستعجال ونهى عنه، كما ذم الكسل والتباطؤ،ونهى عنه، ومدح الأناة والتثبت فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>