للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يزيد الآية السابقة وضوحاً ما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عباس – رضي الله عنهما – {وَلا تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤمِنَاً} قال: ((كان رجل في غُنيمة له، فلحقه المسلمون، فقال السلام عليكم، فقتلوه وأخذوا غُنيمته، فأنزل الله في ذلك إلى قوله {عَرَضَ الحيَاةِ الْدُّنْيَا} تلك الغُنيمة)) (١) .

وعن أسامة بن زيد – رضي الله عنهما – قال: بعثنا رسول الله (إلى الحرقة من جهينة، قال: فصبحنا القوم فهزمناهم، قال: ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم، قال فلما غشيناه، قال: لا إله إلا الله، قال: فكف عنه الأنصاري، فطعنته برمحي حتى قتلته، قال: فلما قدمنا بلغ ذلك النبي (، قال: فقال لي: ((يا أبا أسامة، أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله؟ قال: قلت: يا رسول الله، إنما كان متعوذاً، قال: فقال: أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ قال فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمتُ قبل ذلك اليوم)) (٢) .

وفي رواية قال: قلت يا رسول الله: إنما قالها خوفاً من السلاح، قال: ((أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا)) ،فما زال يكررها حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ (٣)

وفي رواية: ((كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟)) قال: يا رسول الله: استغفر لي، قال: ((وكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟)) قال: فجعل لا يزيده على أن يقول: ((كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة)) (٤) .

ولهذا كان النبي (أعظم الناس تثبتاً وأناة في الأمور، فكان (لا يقاتل أحداً من الكفار إلا بعد التأكد بأنهم لا يقيمون شعائر الإسلام، فعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – ((أن النبي (إذا غزا بنا قوماً لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر، فإن سمع أذاناً كف عنهم، وإن لم يسمع أذاناً أغار عليهم..)) (٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>