للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحد الكثرة قيل ما استوعب أحد جوانب الإناء، وقيل ما لمع من بعد، وقيل ما عد كثيرا عرفا. وهو الراجح عند الحنابلة، وكثير من الشافعية (١) .

أما الصورة التي ذكرنا جوازها وهي الضبة اليسيرة للحاجة فهي محل إجماع. قاله شيخ الإسلام ابن تيمية والنووي والمرداوي (٢) . قال المرداوي بعد أن حكاها: (ولا خلاف في جواز ذلك بل هو إجماع) (٣) .

لكن يعكر على هذا الإجماع ماروي عن الإمام مالك رحمه الله أنه لا يعجبه الشرب في الإناء المضبب بالفضة. ولعله لا يرى في حديث أنس حجة؛ لاحتمال أن الذي سلسل القدح هو أنس، بعد زمن رسول الله (وبعد وفاة أبي طلحة ((٤) .

ويمكن الإجابة على هذا بحديث أنس بن مالك (الثابت في الصحيحين وغيرهما (أن قدح النبي (انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة قال عاصم رأيت القدح وشربت فيه) (٥) .

فظاهره أن الذي سلسله رسول الله (. وإذا كان الذي سلسه أنس ففعل الصحابي الذي من هذا النوع ملحق بقوله وقول الصحابي حجة عند الإمام مالك (٦) ؛ فيكون تضبيب القدح من أنس (على فرض أنه هو الذي ضببه حجة عند الإمام مالك؛ لأن تضبيب القدح مقصود؛ فلا يتطرق إليه الخطأ والنسيان من الصحابي.

وما نقله العلماء من إجماع لعله بناء على ما تقرر من قول الإمام مالك إذا صح الحديث فهو مذهبي. وحيث إن أحاديث تضبيب قدح رسول الله (صحيحة؛ فإنها تكون حينئذ مذهبا للإمام مالك. أو لعل الإجماع بعد عصر الإمام مالك.

ويقيد أبو حنيفة الجواز إذا كان يتقي موضع الفم؛ فلا يضع فمه على الفضة، وقيل وموضع اليد في الأخذ أيضا، وفي السرير والسرج موضع الجلوس؛ فالمراد الاتقاء بالعضو الذي يقصد الاستعمال به؛ ففي الشرب لما كان المقصود الاستعمال بالفم اعتبر الاتقاء به دون اليد (٧) .

ومن الشافعية من قال يحرم مباشرة الضبة عند الشرب، وقال الحنابلة تكره مباشرتها لغير حاجة (٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>