للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والراجح عندي مذهب الجمهور وهو حرمة بيع وشراء أواني الذهب أو الفضة؛ إذا كان الشراء لغرض الاستعمال لقوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) (١) ؛ وبيع وشراء الأواني الذهبية والفضية، أو صناعتها، أو الإجارة على إصلاحها، ونحوه، لغرض استعمالها في الأكل، أو الشرب، كل ذلك من التعاون على الإثم ولأن الله سبحانه وتعالى إذا حرم شيئا حرم الوسائل والذرائع المؤدية إليه، والمعينة عليه. قال ابن القيم رحمه الله: (لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطرق تفضي إليها كانت طرقها وأسبابها تابعة لها معتبرة بها، فوسائل المحرمات والمعاصي في كراهتها والمنع منها بحسب إفضائها إلى غاياتها وارتباطها بها ...فوسيلة المقصود تابعة للمقصود، فإذا حرم الرب تعالى شيئا وله طرق ووسائل تفضي إليه، فإنه يحرمها ويمنع منها، تحقيقا لتحريمه، وتثبيتا له، ولو أباح الوسائل والذرائع المفضية إليه لكان ذلك نقضا للتحريم، وإغراء للنفوس به، وحكمته تعالى وعلمه يأبى ذلك كل الإباء) (٢) .

أما إذا كان شراء الأواني الذهبية والفضية لا لاستعمالها فيترجح عندي جوازه، والدليل على ذلك ما ذكره أبو الأشعث من حديث عبادة بن الصامت، قال غزونا غزاة وعلى الناس معاوية فغنمنا غنائم كثيرة فكان فيما غنمنا آنية من فضة فأمر معاوية رجلاً أن يبيعها في أعطيات الناس فبلغ عبادة فقام فقال:إني سمعت رسول الله (ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة. . إلا سواء بسواء عينا بعين فمن زاد أو ازداد فقد أربى (٣) .

قال ابن رجب: (وحمل إنكار عبادة على ما كانت صياغته محرمة لأنه إنما أنكر بيع الأواني لا الحلي المباح) (٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>